العدد 1286 - الثلثاء 14 مارس 2006م الموافق 13 صفر 1427هـ

من التقليد إلى الإبداع

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

لا شك أن بعضكم يعرف عبارة «من التقليد إلى الإبداع» التي عادة مرتبطة بالحديث عن تطور ونمو الاقتصاد الياباني، وخصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية، وهذه العبارة يجدر ذكرها في زمننا الراهن الذي تواجه فيه دول مجلس التعاون، والبحرين خصوصاً، تغييراً جذرياً لا مفر منه بسبب العولمة السياسية - الاقتصادية، الذي لا يمكننا أن نكون فيه مجرد متفرجين حينما تسبقنا دول المنطقة الأخرى في زرع بذور المستقبل.

منذ بداية القرن الماضي كانت اليابان تشهد انفتاحاً على الاستيعاب والاستفادة من الثقافة الغربية من الجانبين العلمي والفني، وتسييرها في قالب جوهره احترام الثقافة اليابانية للعلم والرقي المعرفي. فلقد كانت من أول دول الشرق الأقصى التي بعثت أبناءها لدورات دراسية و تدريبية إلى الخارج. حتى لو كانت بعض الجهات الغربية متخوفة من فكرة مساعدة ومشاركة المعرفة مع هؤلاء الشرقيين، بادر اليابانيون بشتى الطرق في الاجتهاد الدراسي، والبحث بأنفسهم عن غور وأسرار التكنولوجيا الغربية، أخذوها إلى بلادهم لتطبيقها بعد أن تعرفوا على طريقة عملها مع أو من دون علم مستضيفيهم.

فهذه كانت بداية التقليد لليابان، بداية الاستفادة من تقدم الغرب لتعزيز حضارة يابانية يمكنها المنافسة والمشاركة، والأكثر أهمية: التأقلم مع عالم متغير.

واليوم لدينا دولة أصبحت من أكثر الدول تقدماً (لا بأس من الأزمة التي واجهت دول شرق آسيا في نهاية التسعينات، فهذه مرحلة لا مفر منها، وبدأ تخطيها في السنوات الأخيرة، استشر أسواق الأسهم في اليابان والدول المجاورة للتعرف على مدى أداء اقتصاد شرق آسيا في الوقت الراهن).

في الخمسينات كان المنتج الياباني نسخة طبق الأصل للمنتج الأميركي والأوروبي، وربما بجودة أقل، لكن بدأت الصناعة اليابانية وخصوصاً عبر تعزيز مناهج التعليم والجامعات، بأن ترتدي طابعاً خاصاً بها، وغير مقيد بالتطور العلمي الأجنبي. ففي نهاية السبعينات وخصوصاً في الثمانينات بدأت الشركات اليابانية بإبراز قدراتها على الإبداع و تقديم منتج جديد وفريد يمكن تسويقه بأنه من «اليابان إلى العالم». مثالاً، قدم لنا الغرب الراديو، ثم قدمت لنا اليابان الووكمان (Walkman).

نحن لا نقول إن البحرين أو الدول العربية يجب أن تصبح مثل اليابان كلياً، كلا.

نحن فقط نقول بأن اليابان أصبحت كما هي عليه اليوم لأنها لم تنجز العلم والرقي التقني بالكلام فقط. بل زرعت حب الريادة الصناعية والعلمية عبر الاهتمام بالتحصيل الدراسي الذي يضاهي المستويات الغربية، الذي يمثل أول خطوة في تقليد نافع ينتهي بالإبداع، لأن في نهاية الأمر، التقليد هو أفضل وسيلة وأسرعها للحاق بالدول الأكثر تطوراً

العدد 1286 - الثلثاء 14 مارس 2006م الموافق 13 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً