موضوع هذا الأسبوع (والذي ننشره على مدى يومين متتاليين) هو استضافة البحرين لمسابقة الفورمولا 1. ويركز مقال اليوم على ايجابيات الحدث الرياضي بالنسبة لاقتصادنا الوطني. وتتمثل الايجابيات في زيادة قيمة النشاط الاقتصادي ولفت أنظار الملايين إلى البحرين، فضلا عن تشجيع قيام استثمارات جديدة في البلاد.

أولا: العائد الاقتصادي: حسب مسئولة المكتب الإعلامي في حلبة البحرين الدولية، شيرين بوشهري، بلغت قيمة الدخل الاقتصادي لاحتضان البحرين لسباق العام 2005 تحديدا 160 مليون دولار، أي 60 مليون دينار. أما بخصوص العام 2004، وهي أول سنة استضافت فيها البحرين هذا الحدث الرياضي الكبير، فحسب دراسة خاصة أعدت لحساب حلبة البحرين الدولية، فقد قدرت قيمة المصروفات المرتبطة بالحدث نحو 100 مليون دولار، أي 38 مليون دينار. يبقى أنه حتى كتابة هذا المقال لم تتوافر لدينا أرقام العائد الاقتصادي للمسابقة للعام 2006.

وأشارت الدراسة الخاصة بالحلبة بخصوص العام 2004 أن 31 في المئة من مصروفات الزوار ذهبت لأغراض السكن، و28 في المئة على الأطعمة و18 في المئة على شراء الهدايا، والباقي على مصروفات أخرى منها التسلية والمواصلات. وأكدت الدراسة أن قطاع الفنادق كان المستفيد الأكبر من الحدث الرياضي، لدرجة أنه لم يكن هناك حاجة للفنادق للقيام بالترويج، إذ كانت نسبة التشغيل 100 في المئة في الأيام الثلاثة للمسابقة. أيضاً استفادت قطاعات أخرى من بينها السفر والسياحة والمطاعم والمقاهي، فضلا عن قطاع المواصلات مثل سيارات الأجرة والتأجير.

بالمقابل بلغت كلفة إنشاء الحلبة 150 مليون دولار، أي أقل من 57 مليون دينار. لكن ارتفعت الكلفة الإجمالية للمشروع بعد إضافة المصروفات الأخرى مثل الشوارع الفرعية إلى 185 مليون دولار (نحو 70 مليون دينار). بمعنى آخر فإن الاقتصاد البحريني حقق عائدا أكثر مما صرف على إنشاء الحلبة. كما أن بمقدور الحكومة أن تسترجع أموالها، زائداً الربح في حال قررت تحويل الحلبة إلى عهدة القطاع الخاص. بدورنا ندعو إلى سرعة تحويل الحلبة لمستثمري القطاع الخاص لأنهم بدورهم يهتمون بالربحية، ما يعني بالضرورة تقديم القيمة والخدمة للزبائن والاستفادة الكاملة من قدرات الحلبة.

ثانيا: تعزيز مكانة البحرين دوليا: تتوجه أنظار الملايين في العالم إلى البحرين وعلى الخصوص يوم المسابقة. ويعتقد أن 400 مليون شخص من مختلف بقاع الأرض شاهدوا المسابقة يوم الأحد الماضي. فمسابقة الفورمولا 1 تعتبر ثالث أهم حدث رياضي في العالم بعد كأس العالم لكرة القدم والأولمبياد. لكن خلافا لكأس العالم والأولمبياد فإن الفورمولا 1 تعقد سنويا.

ثالثا: الدفع بتوسعة الفنادق: يحسب لمسابقة الفورمولا 1 تشجيعها لتوفير الفرصة للكثير من الفنادق بإقرار إضافات وتوسعات، كما هو الحال مع الريتز كارلتون، الخليج، الدبلومات ساس). كما قام فندق الشيراتون بإنشاء برجين كبيرين من خمسين طابقاً لكل مبنى في وسط العاصمة، فضلا عن إعادة هيكلة مبنى الفندق. حاليا هناك نحو 100 فندق (الغالبية من فئتي النجمتين والثلاث نجوم)، فضلا عن بعض الشقق الفندقية في البحرين. وتوفر الفنادق فيما بينها نحو 8 آلاف غرفة ليليا. ويعتبر هذا الرقم متواضعا وخصوصا بالمقارنة مع إمارة دبي، التي يوجد فيها نحو 400 فندق وأضعاف من الغرف. ما يهم هو أن حدث الفورمولا 1 وفر الفرصة المناسبة لتحديث وتطوير بعض الفنادق، فضلا عن مجيء البعض الآخر.

رابعا: إقامة مصنع لتجميع قطع السيارات: كما يتوقع أن تساهم المسابقة في تحقيق نجاح اقتصادي آخر يتمثل في تحويل البحرين إلى نقطة لتجميع أجزاء من بعض السيارات الرياضية. ولاحظنا وضع الخطوات الأولى حيز التنفيذ. فبتاريخ الثامن من مارس/ آذار الجاري قام سمو ولي العهد بوضع حجر الأساس لإنشاء مصنع لشركة «روف» الألمانية لتجميع القطع بالقرب من الحلبة. ويعتبر هذا المصنع الأول من نوعه للشركة خارج ألمانيا، وتشجع الخطوة قيام شركات أخرى بخطوات مماثلة.

خامسا: فوائد مجتمعية: كما ساهم الحدث الرياضي النوعي في إنشاء وتحديث بعض الشوارع في طول وعرض البلاد. فبتاريخ 7 مارس تم فتح شارع الشيخ خليفة بن سلمان الذي يربط المنامة بمدينة حمد، مرورا بجامعة البحرين فالحلبة وأخيرا الزلاق. وتبين أن كلفة هذه المرحلة لم تتجاوز الأربعة ملايين دينار. كما تقتضي المرحلة الثانية إنشاء جسور علوية لتسهيل الانسياب المروري في المنطقة. ولاشك في أن المواطنين هم من يستفيدون من هذا التطور النوعي على مدار السنة وليس فقط رواد الحلبة.

باختصار، حمل الحدث الرياضي في طياته الكثير من الايجابيات للاقتصاد البحريني. نواصل حديثنا غدا (الخميس)، إذ سنركز على السلبيات المتعلقة باستضافة البحرين لحدث الفورمولا 1.