العدد 1286 - الثلثاء 14 مارس 2006م الموافق 13 صفر 1427هـ

أمن الخليج

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

عقد مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية مؤتمره السنوي الحادي عشر في الفترة ما بين 12 و14 الشهر الجاري، وتحدث في جلسات المؤتمر عدد من المفكرين والشخصيات التي حضرت خصيصاً لمناقشة التحديات الراهنة ودورها المحتمل في إحداث التغيير في العالم العربي. ومن بين المتحدثين كان مرشح الرئاسة الاميركية السابق السناتور غاري هارت، الذي تحدث عن فكرة محورية واستخدم مصطلحاً أثار الرعب في البداية، إلى حين استيضاح الأمر منه، فقد قال إن منطقة الخليج تعتبر حيوية باعتبارها مصدراً للوقود للاقتصاد العالمي، ولذلك فان المنطقة بحاجة الى «انتداب دولي» لكي تراعى مصالح الجميع ويحفظ أمن الخليج.

مصطلح «الانتداب» مخيف بالنسبة الينا في الشرق الأوسط، لأن مثل هذا الانتداب صدر بشأن منطقتنا من «عصبة الأمم» بعد الحرب العالمية الأولى، ونتج عن ذلك تقسيم بلداننا العربية واختلاق الحدود ومن ثم طرد الفلسطينيين من أرضهم وتسليمها الى اليهود الذين هاجروا إليها عبر رحلات منظمة تحت ظل الانتداب.

لكن، وأثناء الحديث مع هارت على مائدة العشاء، قال انه لم يقصد المعنى السيئ الذي يحمله المصطلح بالنسبة الى العرب والمسلمين، بل قصد ان أمن الخليج يقع على عاتق الولايات المتحدة الاميركية بصورة رئيسية، وان بلده خاضت حرب الخليج الثانية (تحرير الكويت) ومن ثم حرب الخليج الثالثة (احتلال العراق)، وربما يضطر بلده الى خوض حرب خليجية رابعة وخامسة... وهذا حوَّل الجيش الاميركي إلى مقاتلين نيابة عن الآخرين، وكأنهم في بعض الأحوال «مرتزقة» لأن أميركا تسلمت أموالا من اليابان وغيرها من الدول أثناء حرب تحرير الكويت، لأن الأميركان يحمون النفط المتدفق إليهم من الخليج. وعليه، فان الحل الأفضل - من وجهة نظر هارت - هو أن يصدر قرار دولي بحيث تتولى جهة «متعددة الأطراف» حماية أمن الخليج. وبعبارة أخرى، فان هارت يقترح قوة عسكرية تشبه «الناتو» لكنها تنشأ بقرار دولي صادر عن الأمم المتحدة، يحدد مسئولية الدفاع عن أمن الخليج ومن يدفع التكاليف، ومن يباشر العمل الميداني على الأرض، مع تراتبية قيادية يتم الاتفاق عليها. وردًّا على سؤال عن السبب في طرحه هذه الفكرة، أجاب بان عدد القتلى الاميركان في العراق بلغ ألفين وخمسمئة، ولكن عدد الجرحى والقتلى يبلغ ما بين 25 و40 ألفاً، وهو رقم كبير جدا لا يمكن للشعب الاميركي تحمل أعبائه، وعاجلا أم آجلا، فان هذه القوات سيتم سحبها من ميادين القتال المباشر، ولكن البديل الحقيقي للعمل العسكري الاميركي مازال غير موجود، وهذا يعني أن استراتيجية أمن الخليج على المدى البعيد مازالت من دون أطروحة واضحة قابلة للاستمرار. وتعليقاً على ذلك، كان أحد الخبراء من سنغافورة يتحدث عن تجربة شرق آسيا في منظمة «الآسيان» التي استطاعت أن تخلق كياناً «متعدد الأطراف» يستوعب الأطراف المتناقضة ويحيّد خطرها، من دون الاعتماد بشكل كامل على أميركا، كما هو الحال في الخليج. وقال ان فيتنام كان يمثل جيشها سابع أكبر جيش في العالم، وكانت لديها إيديولوجية لتصدير الفكر الشيوعي والحركات الثورية إلى الدول المجاورة، لكن دول الآسيان استطاعت التعامل معها واستيعابها على أساس الحوار المتواصل والمتعدد الأطراف. مضيفاً أن على دول الخليج (بما في ذلك ايران) أن تفكر في كيفية خلق قنوات فيما بينها للحوار من أجل حماية أمنها على أساس «متعدد»، وليس على أساس «أحادي» يعتمد على أميركا بالدرجة الاولى.

لعلها أفكار تطايرت أثناء الحوار، لكننا في الخليج مازلنا لا نعرف كيف نتعامل مع القضايا الكبرى التي أدخلتنا في أزمات، وربما تدخلنا في المزيد، وخصوصا مع استمرار توتر الأوضاع في العراق، وتوتر العلاقات بين إيران ووكالة الطاقة الذرية، واحتمال فرض عقوبات من مجلس الأمن، وما قد يستتبع ذلك من تهيئة الأجواء لأزمة أخرى في الخليج.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1286 - الثلثاء 14 مارس 2006م الموافق 13 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً