كعادتها السنوية أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تقريرها السنوي «المنحاز» بشأن حقوق الإنسان في دول العالم أجمع، مستثنية منه نفسها وجميع حلفائها (أي ثلاثة أرباع العالم، ومن بينهم إسرائيل) من «كتاب الاتهام» هذا.
غريبة هي أميركا، إذ إنها نصبت نفسها كقاض للعالم في مجال حقوق الإنسان دون أن يختارها أحد لذلك المنصب!. والأكثر غرابة أن «كتاب الاتهام» الذي تصدره كل عام دائما يخلو من اسمها وربيبتها «إسرائيل»، على رغم أنه ليس أسوأ من السجل الأميركي في مجال حقوق الإنسان إلا السجل الإسرائيلي.
الجميع يعلم أن أميركا ليست في وضع يسمح لها بالاضطلاع بدور القاضي في هذه المسألة، إذ إن واشنطن التي تزعم أنها «فردوس الحرية على الأرض» مع ذلك فإن عدد ونسبة أولئك الذين وراء القضبان من شعبها يحتلان المركز الأول على مستوى العالم ( 2,27 مليون سجين حتى العام 2004) بزيادة 18 في المئة عن الأعوام العشرة السابقة وبزيادة نسبتها 25 في المئة عن المستوى في الدول الأخرى، وذلك حسب تقرير دولي لحقوق الإنسان.
ليس هذا فقط، بل إن أميركا سدت آذانها عن مناشدة بلدان العالم لها بمن فيهم بعض أصدقائها حتى تغلق معتقل غوانتنامو الذي يعتبر شاهدا على انتهاكاتها لحقوق الإنسان، ثم إن سجن أبو غريب في العراق يشهد أسوأ الانتهاكات لحقوق الإنسان وأصبح معيارا للبشاعة الذي تضرب به الأمثال.
وأنت تقرأ قصاصات «كتاب الاتهام» الأميركي، يرد على بالك مباشرة المثل القائل «باب النجار مخلع». في حين ترتسم عليك ابتسامات عريضة (ابتسامة خبث وشماتة)، وأنت تتصفح أو تسمع التعليقات التي أصدرتها الدول المتهمة بانتهاك حقوق الإنسان في «الكتاب الأميركي»، وتقول لواشنطن وبأعلى صوتك «اللي بيته من زجاج ما يرمي الناس بحجر».
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1285 - الإثنين 13 مارس 2006م الموافق 12 صفر 1427هـ