العدد 1285 - الإثنين 13 مارس 2006م الموافق 12 صفر 1427هـ

لا يعرف القراءة... وعيار

سلمان بن صقر آل خليفة comments [at] alwasatnews.com

هناك صحيفة يومية... تصدر عندنا في البحرين... مكانتها في قلبي هي نفس مكانة صحيفة «الوسط»... هي من الصحف التي أحبها، وأداوم على قراءتها يومياً (من الجلدة إلى الجلدة) بحسب تعبير الإخوان الأردنيين... وهذه الصحيفة تنشر وبشكل يومي قصصاً ومواقف وقضايا دائماً ما تكون إلهاماً لي في كتابة عمودي اليومي.

عندما أمسك الصحيفة وأقرأ عن (المتعوويدة... دايماً)... أو عن الرجل الذي يخاطب الجن الأحمر، أو عن مواضيع مشابهة... ينتابني شعور غريب... وتدور الأفكار في رأسي... وتتجمع عندي كلمات المقال (السبعمئة تقريباً) في أقل من خمس دقائق... وأكتبها والحمد لله في أقل من ساعة... واللي عينه حارة يذكر ربه... ترى ما فينه شدة النظلة.

في الأول من أمس قرأت (في هذه الصحيفة) تحقيقاً عن رجل كبير في السن، ولا يعرف الكتابة، واتصلت فيه إدارة محاكم التنفيذ، وسلمته شيكاً بمبلغ 180 ألف دينار بحريني على أساس أنها ورث له من والدته المتوفاة، وعندما أخذ هذا المبلغ الكبير تصرف فيه لتأدية ديون ومستحقات عليه، وصرف جميع النقود في خلال شهر ونصف فقط، وبعدها جاءه بلاغ من المحكمة لإرجاع المبلغ كاملاً لأنه تسلمه بالخطأ... وهو الآن متورط، ويصيح، ويعيّط، ويشتكي... مسكين هذا المبذر...

عندما أقرأ خبراً مثل هذا فإن أول ما يتبادر إلى ذهني هو نوعية البعض من سكان البحرين... سواء هذا الشخص المستلم للمبلغ، أو قاضي التنفيذ الذي سلمه هذا المبلغ... هو يقول إنه كبير في السن ولا يعرف القراءة... يعني أُميّ، ومتقاعد من عمله الذي كان ربما فراش... أو صباب قهوة... أو عامل صغير... أو ربما هو يملك دكاناً صغيراً في الفريج... فكيف لهذا المسكين أن يتدين هذا المبلغ الكبير؟... ومن أين؟... ومن هي الجهة، أو البنك الذي أعطاه هذا القرض الكبير؟... وما هي الضمانات التي وضعها عند الجهة الدائنة لكي يحصل على هذا القرض الكبير؟

يقول إنه صرف مبلغ 180 ألف دينار في شهر ونصف... ها ها ها... فقير مسكين، وكبير في السن، ولا يعرف القراءة، ويصرف هذا المبلغ الكبير في هذه المدة القصيرة... والله لو كان مهراجا من بلاد الهند والسند ما يمكن أن يصرف هذا المبلغ الكبير في شهر ونصف... إلا إذا كان يقصد 180 ألف روبية (من حسبة الأول)، أو تومان إيراني، أو ين ياباني، فهذا كلام آخر... يمكن يا أخي... فكر شوي أحسن... وراجع حساباتك... وقل الصدق... وأخرج المخفي... والمخفي أعظم.

الآن نرجع لقاضي محكمة التنفيذ الذي اتصل في الفقير المسكين، وطلب منه الحضور للمحكمة، ثم سلمه شيكاً يحتوي على مبلغ كبير جداً (بعد التدقيق في الهوية)، ثم اتصل فيه بعد شهر ونصف وطالبه بإرجاع المبلغ... يعني كيف موظف حكومي، وفي وزارة العدل يسلم مبلغ من المال للشخص الخطأ؟... إذا كان هناك تشابه في الأسماء مثلاً، فنحن في البحرين لدينا أرقام سكانية... ولا يمكن أن يكون هناك تطابق بينها... فمن أين جاء الخطأ في تسليم المبلغ؟

من المحتمل أن يكون هناك صراع على الميراث بين عدة أطراف... ومرفوع فيها قضية في المحاكم... وهذه القضية مازالت متداولة... والسؤال هو: هل يعقل بأن تكون محكمة التنفيذ قد سلمت المبلغ لهذا المسكين قبل أن تنتهي القضية في المحكمة... وتستنفد جميع المراحل؟... يجوز... ولكن في هذه الحالة من هو المسئول الأول عن ضياع مبلغ موجود (أمانة) في وزارة العدل وعلى ذمة قضية لم تنتهِ بعد؟... هل هو المستلم، أم الشخص الذي أمر بتسليمه؟.. في رأيي وحسب وجهة نظري... فإن المسئول الأول عن إرجاع المبلغ كاملاً هو قاضي التنفيذ الذي أخطأ.

لو كنت أنا مكان هذا الشخص الفقير... المديون... المسكين... اليتيم... الذي لا يعرف الكتابة ولا القراءة... الشاطر في حساب الفلوس وصرفها... والله... ثم والله... لا يمكن أن أرجع هذا المبلغ الكبير حتى لو كان فيها قطع رقاب... والمال عديل الروح

إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"

العدد 1285 - الإثنين 13 مارس 2006م الموافق 12 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً