العدد 1284 - الأحد 12 مارس 2006م الموافق 11 صفر 1427هـ

تفاعل إيجابي أيضاً من جانب الرجل

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

نشرت في صحيفة «الوسط» مقالاً تحت عنوان «المرأة البحرينية قد تنتفض أيضاً»، وانهالت التعليقات والملاحظات من هنا وهناك، من داخل البحرين وخارجها، وكانت في غالبيتها مؤيدة للطرح والرؤية، وخصوصا أن الواقع العملي قد يفرض أجندته الخاصة. وكان اللافت أن غالبية القراء اعتقدوا أن المقال كان رداً على أحد زملائي، مع انه لم يكن كذلك، انما كان رداً على كاتب في صحيفة أخرى. أحد الردود وصلني عبر البريد الالكتروني لأحد القراء في العراق الشقيق وعنون مداخلته باسم: «لقد أصبت كبد الحقيقة»، إليكم ما كتب، بعد ذلك سيكون تعليقي:

«نعم أقولها بكل مرارة إن مجتمعاتنا العربية عموماً ومجتمعاتنا الخليجية خصوصاً مازالت تتمسك بالعادات الجاهلية في عزل المرأة وربما قتلها وهي بالمهد كما كان يفعل غالبية الصحابة قبل دعوة نبينا نبي الرحمة محمد (ص)، ولعمري أنهم جهال الخليج يتمنون هذا الآن بل ترى وجها مسودا وهو كظيم إذا بشر بالأنثى. نعم... إننا بحاجة إلى دعوة جديدة كدعوة محمد بن عبدالله (ص) لنسف هكذا أطروحات جاهلية، نعم هناك الكثير من المتنورين والمثقفين الذين يتقبلون المرأة كشخصية قيادية وهم يدعمونها بشتى الوسائل، لكن هذا لا يكفي إذ يجب أن تأخذ المرأة دورها بالقوة وأنا هنا لا اقصد القوة الجسمانية وإنما اقصد القوة المعنوية من خلال إثبات المرأة قدرتها وكفاءتها من خلال مواقفها وسيرتها، فوالله هذا أكبر وأعظم رد على هكذا عقليات متخلفة سواء كان في البحرين أو أي من البلدان العربية الأخرى. والمجتمع العراقي يتقبل المرأة ويحترمها ويدعم المرأة ماديا ومعنويا ونحن نتمنى أن تكون الحال هكذا في البحرين، ويبقى الأمر في أيديكن أيتها البحرينيات، ونتمنى الوقت الذي نرى فيه المرأة وزيرة وحتى ملكة، لم لا، فلا يوجد نص شرعي يحرم ذلك».

القارئ الذي أراد إيصال وجهة نظره إلى صاحبة العمود شخصيا، أعتقد أن هناك بعض التقاطعات، إلى جانب الكثير من وجهات النظر التي قد اختلف معه. أعتقد أن المرأة لا تريد أن تكون إنساناً مظلوماً للأبد كما لا تريد أن تكون ظالمة، وكل ما تريده المرأة وتطالب به النظر إليها بإنسانية. فما نطالب به هو إنسانية الإنسان، رجلاً أو امرأة، وبالتالي لا أتصور أن ذلك يمثل مشكلة إذا ما أصرت المرأة على نيل حقوقها إذا لم تتعارض مع الأحكام الشرعية أو ضمن الضوابط الشرعية، ولا أتصور أن هناك حالة من السواء النفسي فيما لو وجدت فعلاً شخصيات نسائية يرغبن في الشعور بالتقديس والتبجيل من قبل المجتمع أو الرجل أو حتى من أختها المرأة

أتصور أنه ليس هناك أجندة تحمل تلك الأهداف أو الغايات، وأعتقد ان كل ما تريده المرأة الاحترام المتبادل، فكما تحترم أخاها الرجل وتقدر مواقفه واهتماماته وميوله، تريد منه هو الآخر أن يقدر لها ذلك. ولا أعتقد أنني أتفق مع قارئي المحترم بأن هناك فعلاً من يعيش حياة الجاهلية والذي عمد إلى وأد المرأة في مهدها، ولا أتصور أن هناك مكاناً لهؤلاء على الخريطة الجغرافية أو الفكرية، وبالتالي لا نريد أن نهوّل الأمور. ولعلي أيضاً لا أتفق معه في أننا بحاجة إلى دعوة مماثلة لدعوة نبينا محمد (ص) لنسف الأطروحات التي لا تعترف بالمرأة ككيان قادر على إدارة الملفات المجتمعية بما فيها الملف السياسي، وأتفق معه أن هناك الكثير من المتنورين والمثقفين الذين يتقبلون المرأة كشخصية قيادية فرضت احترامها وقدرتها على إدارة الملفات والمشاركة في الحياة السياسية. وبدوري أحمل هؤلاء مسئولية تبيان وتوضيح الأمور لهؤلاء الذين لايزالون مشككين في المرأة وفي قدرتها، أو أنهم يرون أن الرجل فقط القادر على إدارة الملفات السياسية. وأؤمن إلى حد ما بأن الرجل ربما يكون أقدر من المرأة في الحياة السياسية، وهذا ناتج لعدة أسباب على رأسها كونه رجلاً والتنشئة الاجتماعية أرادت له أن يكون كذلك فالرجل منذ الأزل له ما له من الحقوق والمرأة منذ الصغر عليها ما عليها من الواجبات، وبالتالي ساهمنا نحن بشكل أو بآخر في التمكين السياسي للرجل وأضعفنا قدرة المرأة على القيام بهذا الدور، ولكن لا يعني هذا أن المرأة غير قادرة على أداء هذا الدور بدليل أن هناك نساء يدرن دولاً وأمماً، وأتفق تماماً على أن دور المرأة في إدارة شئون منزلها ربما تتفوق فيه على الرجل، لكن لا يعني ذلك أن الرجل غير قادر على إدارة شئون المنزل بدليل أن هناك الكثير من البيوت قائمة ومستمرة بسبب إدارة الرجل لها وليس المرأة، وبالتالي تبدو الأمور نسبية وقابلة للتغيير، وليس هناك مسلمات مطلقة، فلتعط المرأة الفرصة لتثبت من خلالها أنها قادرة ولكن في الوقت نفسه لعلي لا احترم المرأة كثيرا التي تسعى جادة دائماً وأبداً لمجرد إثبات حقيقة قدرة المرأة وتفوقها، فهذا أراه مضيعة للوقت والجهد، وعليها أن تعمل بجد وتجتهد، وألا تضع في اعتبارها أن خروجها جاء من أجل اثبات قدرة المرأة على تحقيق مكاسب معينة أو نجاحها في حقول معينة، فهناك الكثير من الناس من يرون بأن المرأة لديها من الإمكانات ما يؤهلها لأن تكون ما تريد، وعلى رغم كل تلك الأفكار المطروحة وعلى رغم وجود ضيق الأفق وتدني فرص مشاركة المرأة، فإنني لا أرى أبداً أن واقع المرأة البحرينية «واقع مرير»، فالحياة السياسية ليست كل شيء، وأكبر خطأ ربما يعيشه الإنسان أو يرتكبه إذا ما شعر بأن السياسة هي كل شيء، لأنه يجب أن ينظر إلى الحياة السياسية على أنها جزء من الحياة، وهناك فرص قادمة للمرأة. ونؤكد أن المرأة التي يجب أن تتقلد منصباً سياسياً أو دوراً سياسياً لابد أن تكون المرأة التي تتسم بالكفاءة والقدرة، ولا نريد للمرأة أن تصل بأي شكل من الأشكال بغض النظر عن قدرتها، فليس من الانجاز في شيء إذا ما سعينا إلى إيصال المرأة لملء الفراغ وللبهرجة الإعلامية ولتأكيد فكرة النضج المجتمعي، فالنضج المجتمعي عنوان كبير لا يمكن تحقيقه من خلال وضع المرأة في مكانها غير المناسب.

نأمل أن يأتي اليوم الذي تكون فيه المرأة نموذجا إيجابياً لتبوء المناصب السياسية دون مزايدات، ولكني لا أعتقد أن المرأة تحلم بأن تكون ملكة في بلد ذكوري حتى النخاع، وهذا لن يتحقق إلا من خلال مزيد من النضج ومزيد من الأداء المقنع من قبل المرأة أولا وأخيرا، لا نحمل المجتمع أكثر ما حملناه فالمرأة أصلاً مقصرة في هذا الجانب أكثر من غيرها

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1284 - الأحد 12 مارس 2006م الموافق 11 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً