حتى الآن نستطيع أن نؤكد من موقعنا كمتابعين للفعاليات التي نظمتها الدولة من فعاليات ثقافية ورياضية أي من «ربيع الثقافة» إلى «يلا بحرين» المعنية بالفورملا 1، أنها حقاً بدأت تخطو خطوات جادة وحقيقية لتحسين شكل البحرين أمام العالم الخارجي.

هذه الخطوات والدراسة المتأنية إن استمرت فإنها بكل تأكيد ستنقل صورة أخرى للبحرين ولبرامج الترفيه التي تساهم الآن وستساهم مستقبلاً في ارتقاء الذوق العام الذي أصبح اليوم مسيساً أكثر من أي وقت آخر على رغم أن هناك أموراً أخرى جميلة في الحياة غير لغة السياسة التي للأسف أصبحت تتحول إلى مظهر وطقوس تغيب ملامح الحياة في بلد مثل البحرين المعروف بحيويته المتعدد الثقافات والأديان.

لقد أصبحت ملامح وتقاسيم الحياة في البحرين تخلوها اليوم من الألوان والبهجة وحلت معها لغة الاستعداء القريبة من لغة التهويل والتي معها بدأت تكسر روح البحرينيين للحياة ولتقبل الطرف الآخر مهما كان هذا الطرف، إذ بدأت تسري في شريان حياتنا مثل السرطان من دون أية مقدمات خصوصاً في السنوات الأربع الأخيرة.

لكن فعاليات «ربيع البحرين» مثلاً كشفت وجهاً آخر للبحرين وأهلها من مختلف الشرائح المتعطشة للترفيه يتوق بلهف للتعرف على ثقافات الشعوب الأخرى في الفن والموسيقى والغناء والرقص الاستعراضي، بل إنه مستعد لحضور أمسيات تحيطها أجواء باردة وزخات من المطر من أجل ذلك... هذا هو الوجه الآخر والحقيقي لأهل البحرين محبي الثقافة والفنون الذي تحاول أطراف أخرى التهجم على هذا الحق... ومن لا يريد وضع برامج يهنأ بها البحرينيون الذي ملوا ارتياد المجمعات التجارية التي استعبدت جيوبهم وجعلتهم استهلاكيين إلى أقصى حد، لأن ما من بديل إما هذا أو هذا، فلا وسط يحتم قراراتهم اليومية.

أمسية الشاعر الكبير محمود درويش كشفت أيضاً عن تعطش آخر لمثل هذه الأمسيات الشعرية التي تخاطب لغة الإنسان الكوني... أي كان بلا حدود أو حصار فكري أو جسدي يحد من الانطلاق في فضاءات مفتوحة بعيدة عن تطرف أو تشنج مفتعل.

هناك طرف أو طرفان لا يريد للبحرين ربيعاً ثقافياً ولا رياضياً، لكن في المقابل هناك شريحة ليست بصغيرة من مجتمعنا تبحث عن جو ولغة يروي عطشها وينعم أوقاتها والترفيه بالفائدة... وهذا هو التحدي أمام أمزجة هذا الطرف أو ذاك الذي لا يأبه إلا بخريف طويل الأمد لا ربيعاً يبهج حياتنا...