أجبر الحوار الوطني اللبناني - مع تحفظنا على كلمة «وطني»- على الدخول في إجازة «قسرية»، وهو ما يعني أن «كاتيوشا» النائب وليد جنبلاط من واشنطن كانت دقيقة وآتت أكلها.
وصدرت مواقف جنبلاط «الأميركية» بعد كلمة السر الأميركية: يجب عدم منح حزب الله أي نصر، وكأن الحوار مطروح ليس من أجل لبنان، وإنما من أجل مصلحة هذا الطرف أو ذاك. هنا ثمة تحريف للحوار، لوظيفته الوطنية، لأن ما يريده الأميركي تحديدا هو بالضد تماما، فكل ما من شأنه أن يشكل مصلحة وطنية حقا: الحوار لسحب سلاح المقاومة، لا من أجل التوصل إلى صيغة استراتيجية وطنية تحمي لبنان من التهديدات الإسرائيلية. الحوار لتأكيد عدم لبنانية مزارع شبعا، لا لبحث أفضل السبل لتأكيد لبنانيتها.
موقف جنبلاط يعني أن فرقاء لبنان لم يعودوا أمام فضاء حواري واسع، وإنما أمام لعبة فرض وإكراه تحقيقا للمطالب الأميركية، وإن اتخذت «الحوار» أسما لها. هذا جنبلاط أحد قادة «فريق 14 آذار» هو من استهتر بالحوار «الوطني» وفضل تلبية دعوة وجهت إليه على واجب حضور المؤتمر الذي يفترض أن يوصل إلى حلول تعزز مصير ومستقبل الوطن.
وقفت مع نفسي كثيرا لأسألها ما كان ليحدث لو أن الأمين العام لحزب الله السيدحسن نصرالله جاء إلى طاولة الحوار وردد على مسامع المتحاورين مواقف تصعيدية، ثم يغادر المؤتمر بداعي السفر بناء على موعد مع «دولة صديقة»- فلنفرض أنها كانت إيران أو سورية- يريد الذهاب إليها ليستعديها على بعض أطراف الحوار ويذكرهم بالاسم (إلا أن هذا ليس من شيمه)، ويعلن من ذاك البلد أنه جاء ليستعين به لـ«تحرير لبنان»؟!!.
لفرقاء لبنان نقدم النصيحة، لا تعكسوا الكلمة فتصبح بدل «حوار» «راوح»...فالمكان لا يتسع، وقد تضيق صدور الرجال ولكن البلاد لا تضيق بأهلها
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1282 - الجمعة 10 مارس 2006م الموافق 09 صفر 1427هـ