العدد 1282 - الجمعة 10 مارس 2006م الموافق 09 صفر 1427هـ

المرأة البحرينية من الوأد التعليمي إلى الوأد السياسي

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

مازلت أتذكر الموقف التاريخي الذي قام به الشيخ مهدي الخالصي بعد ثورة العشرين من إصدار فتوى تمنع الإسلاميين خصوصاً الشيعة من الانخراط في وظائف الدولة العراقية.

هذا الموقف كلف الناس كثيراً وارجعهم 80 عاماً إلى الوراء.

ومازال بعض المفكرين العراقيين يتألمون عندما يذكرون هذه الفتوى وما آلت عليه من تداعيات على أوضاع الناس المعيشية والسياسية والاقتصادية.

المواقف ذاتها تكررت في الخليج وفي البحرين أيضاً عندما سعى المستشار بلغريف إلى إدخال المرأة البحرينية في المدارس والتعليم الى اللحاق بالجامعة وكيف ووجه.

تحدثني أمي عن مرحلة زمنية (الخمسينات) كيف تكون الضغوط التي تقع على من يدخل ابنته المدرسة.

كانت تقول: تصدق يا ولدي كانت البنت في الفريق إلي تذهب الى المدرسة يصبح أبوها (محجية) في السن الناس، المجالس تتكلم عليه، الكل يهزأ به بل ويقاطع، بل يشكك في دينه.

أقول لها والآن؟ ما الذي حصل وماذا كانت النتيجة؟

تقول: إلي ما درّس بناته من تزوجت تزوجت ومن لم تتزوج بقيت تعاني الفقر اما اللاتي ذهبن إلى المدارس والجامعات فأكثرهن يعشن الآن في وضع اقتصادي رفيع، بل والكثير منهن في حال تدين ناضجة.

قلت لها: ومن أخرجهن من المدارس والجامعات سأل عن أوضاعهن الاقتصادية أو الأسرية؟

موقف تاريخي واحد كفيل بتراجع أمة بأكملها

أنا مؤمن أن عالم الدين أو المفكر أو المثقف عندما يصبحوا متوازنين يثرون الأمة بأكملها ومواقفهم التاريخية تنعكس على مصالح الناس.

ذكرت لكم سابقاً أمثلة لذلك، مثل الشيخ محمد الغزالي والسيدموسى الصدر، وعلي شريعتي وخالص جلبي والسيدفضل الله والعكس بالعكس. فكرة واحدة قد تكون لها تداعيات تاريخية مستمرة الى الابد.

انظر اثر فكرة سيد قطب في دعوته إلى أن هناك جاهلية اسمها (جاهلية القرن العشرين) أو فكرة (تكفير الأنظمة السياسية) وأثرها على كل العالم الإسلامي.


أستوقفكم قليلا لنقرأ بعض صفحات العراق...

علي الوردي عالم الاجتماع الكبير يقول - وهو يشير الى بعض التزمت الايديولوجي في كتابه «لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث» (1 ص 294) «فقد حرموا أيضاً المدارس والوظائف... وقراءة الصحيفة وتعلم اللغات الأوروبية».

إذا اشكالية منع المرأة من دخول المدارس أو الجامعة سببت آلاماً للمجتمع لسنين طوال سواء في العراق أو الخليج ولاشك أن لذلك أثراً كبيراً على الوضع الاقتصادي، بل حتى السياسي وحتى الديني على المجتمع، إذ إن الإسلام دعا إلى القراءة والمعرفة (اقرأ وربك الاكرم) وعالم من دون قراءة يساوي عالما من غير كرامة.

يقول الوردي في (ص 43 ج 6) «وعندما فتحت أبواب الوظائف للعراقيين في الشهر الأول من العام 1921 افتى الخالصي بحرمة الدخول فيها، إذ اعتبرها بمثابة التعاون مع الكفار. ويذكر أن فتوى الخالصي في حرمة الوظيفة لقيت رواجاً واسعاً في أوساط الشيعة فصار الكثيرون منهم يرفضون الوظائف التي عرضت عليهم».

تحريم المدارس والدخول في الوظائف كانت له تداعيات كثيرة جداً منها ما ذكره عبدالله النفيسي في كتابه القيم «دور الشيعة في تطور العراق السياسي الحديث. (ص 167)» دار النهار للنشر «والواقع أنه لم يكن متوافرا في صفوف الشيعة سوى أشخاص قلائل مؤهلين لتسلم مناصب حكومية رفيعة، والسبب في ذلك يعود إلى أن الشيعة كانت دوما تقاطع الاشتراك في الحكومة التركية وتمتنع عن ارسال أولادها - لاحظ - الى المدارس التركية المهنية. أضف الى هذا أن الاتراك الرسميين انفسهم لم يشجعوهم على الدخول في الخدمة المدنية وفي سلك التعليم».


بمعنى أصبحوا هم والزمان على أنفسهم

ما طرحته مقدمة للدخول في موضوع خطير. لقد تسربت معلومات أن هناك عدم رغبة لدى عدة تيارات إسلامية في البحرين إلى ايصال المرأة الى البرلمان، تحت مبررات واهية ضعيفة عادت بالمبررات ذاتها التي سيقت قبل 60 عاماً لعدم ادخالها المدارس أو الجامعات.

كموقف تاريخي أقول: هذا موقف لا يمثل كل الإسلاميين ويجب عدم اختزال كل الامة في موقف فردي.

دعني اهمس في أذن المرأة البحرينية لأقول لها بكل صدق: هناك تحت الكواليس موقف صريح وجاد لعدم رغبة عند بعض الأوساط الإسلامية ترشيح امرأة للبرلمان حتى لوكانت تمتلك مواصفات اسلامية وسيتم الالتفاف على الموضوع.

المرأة البحرينية لا ينقصها التأهيل الاكاديمي أو الاخلاقي للوصول إلى قبة البرلمان.

وجاء الوقت الذي يجب فيه دعم دخول المؤهلات في البرلمان.

لا نريد طبعاً نساء فقط لانهن نساء بل أقول: مؤهلات. وليس التأهيل الأكاديمي هو المقياس بل التأهيل الثقافي والتوازن العقلي ضروري أيضاً والا تضع عقلها في ثلاجة احد.

المرأة بحاجة الى امرأة صادقة - وليس للشو - للترافع عنها وعن العشرات من المطلقات والأرامل وعاملات المصانع والكثير ممن يطردن من البيوت ظلما وممن يمنعن من حضانة أبنائهن أو ممن يتعرضن للعنف الاسري والضرب المبرح ولا أحد يسأل عنهن، بل أحياناً يقفن ضد انفسهن ومصالحهن وهن لا يعلمن ذلك بسبب خطف عقولهن ووضعها تحت عباءة الحزب الفلاني او الوصاية العلانية في هذا العالم العربي الموبوء. نعم هناك وأد سياسي واجتماعي للمرأة العربية ودعوني اصرح واقول: وحتى البحرينية

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1282 - الجمعة 10 مارس 2006م الموافق 09 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً