على رغم الحوادث المتسارعة التي شهدها العراق خلال الأيام الماضية سياسياً وأمنياً، التي قد تدفع الأوضاع باتجاه الحرب الأهلية، مثل القتل على الهوية ومعدل الضحايا اليومي ومحاولة تحويل بعض المناطق إلى كانتونات طائفية، فإن كثيراً من الحقائق الأخرى ستقف حائلاً دون تحقيق ذلك. من هذه الحقائق أن الحوادث الأخيرة قللت كثيراً من مخاطر وقوع الحرب الأهلية، لأن العراقيين رأوا بأم أعينهم، أنموذجاً لما قد يحدث فيما لو اشتعلت هذه الشرارة. كما أن التداخل العشائري والقبلي بين السنة والشيعة سيكون صمام أمان اثبت نجاحه كثيراً، ودفع كل الأطراف للتسابق على كسب ودها.

إضافة إلى أن الحروب التي شهدها هذا البلد في العقود السابقة أنهكت الإنسان العراقي، وجعلته يحسب للحرب ألف حساب قبل الإقدام على خوضها مجدداً، ولا ننسى ما يعتري دول الجوار من مخاوف بشأن تأثيرات هكذا حرب على بلدانهم التي تعاني أصلاً من وجود جماعات ترى في العنف وسيلة للتغيير، الأمر الذي يعد سبباً آخر يعمل على تجنب وقوع المحظور في العراق.كما أن الولايات المتحدة لن تسمح باندلاع هكذا حرب حفاظاً على السياسة الأميركية التي تروج للنموذج الديمقراطي للعراق الجديد في المنطقة، فضلاً عن حماية قواتها التي قد تجد نفسها بين فكي كماشة.

عموماً، التاريخ العراقي الحديث والقديم لم يشهد حروباً أهلية، بل شهد وحدة وطنية متأصلة بين مكونات هذا الشعب، وخصوصا في وقت الأزمات والمحن، مثلما يحدث اليوم على رغم كل شيء.