بعض الناس في البحرين، وخصوصاً قراء الصحف، لديهم بعض اللبس ويخلطون كثيراً بين معنيين مختلفين عن بعضهما بعضاً اختلافاً كاملاً. الصحافي وكاتب المقال. وهؤلاء الناس يعتقدون بأن كتاب الرأي (كتاب المقالات) الذين تنشر لهم مقالات يومية أو أسبوعية على شكل أعمدة ثابتة أو غير ثابتة... يعتقدون بأنهم صحافيون، ويطلقون عليهم مسمى صحافي.
وبعض كتاب الرأي الذين يكتبون «أحياناً»، وبحسب الفراغة، يحبون هذه التسمية ويتبسمون أو يقهقهون عندما يناديهم أحد باسم صحافي، مع أن الصحافي هو الشخص الذي يعمل في الصحافة بدوام كامل، ويتسلم أجره الشهري من الصحيفة أو المجلة التي يعمل بها، ويحاسب على أيام غيابه، وتصرف له بطاقة عمل في الصحافة. ومن الممكن أن يكتب عمود رأي في صحيفته أو مجلته، ولكنه في الأخير موظف فيها، وملتزم بها، ولا يمكنه أن يكتب عمود رأي في صحيفة أخرى منافسة لصحيفته.
أما كاتب الرأي أو كاتب المقال فهو ليس بالضرورة صحافياً، لأنه غير موظف في الصحيفة التي يكتب بها. ومن الممكن أن يتسلم أجراً على كتابته عموده اليومي أو الأسبوعي، إذا كان ملتزماً به ومع الصحيفة نفسها أو يمكن أن تكون كتابته للعمود بالمجان إذا كان يكتب على الخاطر ومن دون أي التزام منه أو من الصحيفة، ما يعني أنه يتمكن من الكتابة في أي صحيفة أخرى، حتى لو كانت منافسة للصحيفة التي هو عادة يكتب فيها.
إذاً الصحافي هو كل من يعمل في الصحافة، وينشر الأخبار أحياناً أو يقوم بتفنيدها أحياناً أخرى. وأنا لست صحافياً. لأني لا أعمل في أي صحيفة. أنا كاتب رأي فقط. ولي عمود يومي (في صحيفة «الوسط») أكتب فيه رأيي بحسب قناعاتي الشخصية. ومن الممكن أن يكون رأيي صائباً أحياناً، أو غير صائب أحياناً أخرى، أو نص نص في الكثير من الأحيان. والرأي الذي أكتبه عن موضوع ما دائماً ما يكون قابلاً للنقاش، ما يعني بأني لست من المتزمتين المتمسكين بآرائهم. أنا من النوع الذي يحب النقاش الهادف. يعني أقنعني بالبراهين وسأكون لك من الشاكرين، وكلي آذان صاغية، أو استمع لي لكي أقنعك بوجهة نظري. ربما تستفيد من كلامي.
صديقي، الإعلامي الناجح، صاحب الوجه البشوش والمطل دائماً في عالم سباقات السيارات، الأخ هيثم الشروقي هو الذي كان السبب الرئيسي في تطرقي لهذا الموضوع في عمود اليوم (الفرق بين الصحافي وكاتب الرأي). وقد ألح علي كثيراً في ذلك وخصوصاً بعدما كتبت عن زيارتي للمؤسسة العامة للشباب والرياضة، ومقابلتي الشيخ فواز بن محمد بن خليفة آل خليفة.
والله يا الشيخ فواز، ترى هيثم فخور بك ويحبك كثيراً. ولقد كان من أسعد الناس بعد قراءته موضوعي عن المؤسسة وإنجازاتها. ولقد كان يعتقد سابقاً بأني صحافي متحامل على المؤسسة، وعلى رئيسها. وهذا ما كان يعتقده الكثير من الناس (بحسب قوله). وأنا أبلغه الآن، وأبلغ باقي من يعتقد ذلك بأني لست صحافياً أنقل الأخبار، وإنما كاتب رأي، ولي آرائي الشخصية التي أكونها عن الموضوعات المختلفة، وليس عن الأشخاص. ولا أتطرق للموضوعات الشخصية.
أنا اجتماعي بطبعي. يعني أحب الناس ولا أنتقدهم. أنا أنتقد الأعمال فقط. وليس كل الأعمال، وإنما الأعمال التي أعتقد بأنها تؤثر بالسالب على الوطن أو المواطن، ويعملها شخص هو موظف في الدولة، ويتسلم عليها راتباً من الدولة. ما يعني أن راتبه يكون من المال العام. ونحن نكون الرأي العام الذي من المفترض أن يكون مراقباً لكل عمل يقوم به الموظف العام في الدولة.
قد نتفق مع الموظف العام فيما يقوم به من أعمال. نهنئه على ما أنجز، ونطلب منه المزيد من الإنجازات. وقد لا نتفق معه بشأن موضوع ما... في عمل ما. فنقوم بانتقاد عمله ونحاوره، إذا كان يقبل الحوار حتى نصل في النهاية إلى حل ودي يرضي جميع الأطراف.
نختلف معه؟ نعم، ولكن الاختلاف يكون فقط في الرأي. والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. ولا ينتقص من أي ود واحترام.
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1280 - الأربعاء 08 مارس 2006م الموافق 07 صفر 1427هـ