كلما اقترب موعد الانتخابات النيابية القادمة ستزداد نار التصريحات وتتدحرج عشرات من كرات النار من ألسن الكثير ممن يسيل لعابهم للمقاعد النيابية القادمة. وفي كل يوم سنشهد صرعات جديدة وتقليعات مضحكة تخرج - غالبا - في سياق المزايدات. الكثير- ومع اقتراب مرحلة الصفر -سيتناولون سبانخ باباي للمبالغة مع ازدياد دقات طبول الموعد.
أقول: الله يساعد المواطنين ويساعد البحرين في الأشهر المقبلة، ستكون اشهر الصراخ. سنشهد مرشحين يطرقون البيوت، ومرشحين يهبطون بـ (برشوت) على الناس قادمين من عالم آخر عالم الفنتازيا السياسية البلاستكية. أول مرة سيعرفهم الناس يوم رشحوا أنفسهم لكنهم يجرون وراءهم عربات من الوعود والمكياج أيضاً. بعضهم عنده خطة جهنمية لتحويل الاقتصاد البحريني الى اقتصاد سنغافوري. حتى الحصير البحريني سيتحول بقدرة قادر الى سجاد فارسي، والحلوى الى (كتكات) والعقال الى قبعة مكسيكية. قطار المشاركة انطلق وتوقيفه معجزة لكنه سيخلط الأوراق وسيقلب التوازنات وسيربك حتى التحالفات، فلقياس الزلزال السياسي نحتاج الى جهاز رختر، أرقامه: المال والسلطة. عند نظام المصالح عادة تضعف التحالفات وتتلاشى العلاقات الرومانسية والافلاطونية. فلا ملائكية عند الاستحقاقات. وجرت التجربة التاريخية: ان ثعالب السياسة اذا ما وعظوك في الثروة يجب عليك ان تراقب دجاجك، ففي السياسة كل شيء ممكن، لا أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون انما المصالح هي الدائمة. أقرأ تجربة الثورة الفرنسية والثورة البلشفية الشيوعية والحرب الاهلية في اسبانيا وماذا فعل الملائكيون إلخ.
في نظامنا الاجتماعي نرى صورا لضياع الضمير الذي يسميه ادم سميث (الرجل الذي في الداخل) ففي كل واحد منا محكمة داخلية بعضنا كسر هذه المحكمة بمقاعدها لتضخم الأنا النرجسية (الشبق الذاتي) ويتعاطى فياكرا أنوية. فلا تعجب من شاب يضع أمه في كيس ليلقيها في صندوق قمامة بعد ان سرق مالها ليحظى بجلسة عشق كاذبة مع عاشقة في سينما! انه ألقى أمه ولكن هناك من يلقي أمة ليطفئ غروره وجرحه النرجسي لكارزمية معينة وقد يلقيها في محرقة.
وقد يتحول السياسي إلى وحش ودم الناس يتحول إلى أرخص من عصير البنادورة، كما هو حاصل في بلاد ما بين النارين. آسف اقصد النهرين (العراق). ما بعد انهيار جدار برلين وانتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي وهبوب رياح العولمة قلّت الشعارات المضحكة الديماغوجية في العالم القائمة على استعار العواطف إلا في العالم العربي مازالت الخطابات خطابات عاطفية انشائية تحتاج الى ان تثبت لها اولا «وجود العالم»، ولو كررت ذلك عليها عشرين مرة واعتقدت انها ستعترف فأنت جدا متفائل! ألم يقل الإمام علي (ع): «ما داؤكم؟ ما دواؤكم؟» واضطر لان يبث أسراره لبئر في الصحراء إذ غاب من يتفهم خطابه! وقالوا لا عهد لك بالسياسة وان فيك لدعابة، (أي مزاح عفوي لطيف)، والقائد ينبغي ان لا يمزح. عجبي.
الحضارات مثل عمر الانسان، تبدأ في مرحلة الطفولة ثم تبدأ الى مرحلة الشباب ثم الكهولة الى ان تشيخ وتموت. ولاشيء يقضي على الحضارة مثل الجهل لهذا قال الله اقرأوا. وعودا على بدء اقول: كثير من النواب في العالم العربي يفورون كالمياه الغازية ثم يهمدون. بعضهم يجيد تمثيل دور البهلول. وهذا المواطن الذي يتزاحمون على كسب رضاه عند الانتخابات يغلقون في وجهه الهواتف بعد الوصول الى كرسي المجد والشموخ. بعض البكائيات بلاستيكية بلاشك وعلى حد تعبير شاعرنا المتنبي «ورب كثير الدمع غير كئيب». بعضهم يمارس ما يسمى بازدواجية اللسان. مساء يغسل رجلي الوزارة بالكلونيا وماء الورد وصباحا يسبها علنا عند تجمع الصحافيين. وبعض النواب مواقفه يغلب عليها طابع الانوثة والبعض يعاني من (عنة) في الحديث وما بينهما يوجد أكفاء - ومن كل الاطراف - وإن كانوا عادة قلة في كل البرلمانات. ولان كل نائب يولي الجميل محبب وكل برلمان ينبت العز طيب مع الاعتذار للمتنبي نجد النائب المحبوب من يكون له خطاب واحد وهم قلة، اما النائب الذي يحترف الشتيمة يفقد صدقيته ويتحول الى «كناس» في بلدية الديمقراطية. فهو في اقتراحاته المضحكة نبي ولكن ظهرت معجزاته في الاواني. وفي البحرين يتغير الوضع. القاعدة البشرية تقول: عندما تكون في روما تصرف كما يتصرف الرومان اما نحن في البحرين فعندما نكون في البحرين - في البرلمان أو غيره - نتصرف كما يتصرف الافغانيون أو الفلسطينيون أو اللبنانيون فكأننا في افغانستان أو فلسطين أو لبنان. تحياتي. البرلمان الكويتي أقر قانون الصحافة لا يسجن الصحافي وبعض نوابنا دفعوا لسجن الصحافي البحريني.
طبعاً الحرية تحتاج الى شفاه والروائي يوسف ادريس يقول: كل الكمية المعطاة من الحرية في الوطن العربي لا تكفي كاتبا واحد
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1280 - الأربعاء 08 مارس 2006م الموافق 07 صفر 1427هـ