في زيارته «الوسط» يوم الثلثاء الماضي، تحدث وزير الإعلام محمد عبدالغفار عن عدد من القضايا التي تشغل الساحة الوطنية، من بينها هموم المجتمع الصحافي. ومن أكبر هذه الهموم قانون النشر الذي رفضه الصحافيون بصورة شبه إجماعية، وخصوصاً مع ربطه بقانون العقوبات.
الكثير من الزملاء كتبوا ضد هذا القانون، وعابوا على البرلمان محاولة تمريره بما يشكل ضربة موجعة للتوجهات الإصلاحية التي تعيشها البحرين، والتي تعتبر حرية التعبير من أبرز ثمارها الملموسة.
القناعة الآن لدى المجتمع الصحافي، أن إصرار الحكومة مع النواب على تمريره بليل، كان يهدف لتحقيق هدف مشترك: تحصين الطرفين من النقد. فإذا شاعت حرية التعبير وترسخت ممارستها، سيكون هناك الكثيرون من أصحاب البيوت الزجاجية الذين يخشون من «الكلمات الصادقة»، ومن بين هؤلاء عدد من النواب الذين كانوا ينحازون إلى جانب الحكومة، ظالمة كانت أو مظلومة. والكل يعرف مواقفهم في عدد من الملفات الساخنة وغير الساخنة أيضاً!
الوزير تحدث بصراحة عن وجود عدد من النواب أكثر تشدداً وإصراراً على إصدار القانون من الحكومة، وهي واقعة ستسجل في تاريخ البرلمانات في العالم كله، حين يقف نواب الشعب ضد الشعب وقضاياه، وخصوصاً في قضية حريات عامة، وينحازون إلى قانون متخلف يحاكم على النوايا كما كانت تفعل الكنائس الكاثوليكية في العصور الوسطى.
الحكومة، كأي حكومة في العالم، لها بعض العذر إذا طمعت في إسكات الصحافة، لكن أن يتصدى «نواب الشعب» لإسكات الصحافة، فهذه هي البدعة الجديدة، التي لم تنطلِ علينا حتى بعد محاولة التضليل باستبدال كلمة «النقد» بـ «الإهانة»! بل وتعميم هذا المفهوم الغريب لتشمل الحماية إهانة أية دولة أجنبية أو منظمة دولية أو الجيش والمحاكم والسلطات والمصالح العامة.
الوزير طالب الصحافيين بتوعية المجتمع بالموضوع لكي يكون هناك موقف عام، موضحاً أن القانون حدد عدداً من القضايا الحساسة، مثل التعدي على الذات الإلهية، و«هي قضايا لا تحتاج إلى قانون أصلاً، لأن البحرين ستخرج عن بكرة أبيها ضد مثل هذا التجاوز لو حصل» كما قال. لكن ما حدث هو أن الحكومة والمجلس طمعا في تحصين نفسيهما ضد من تسول له نفسه الاقتراب من الحمى.
الوزير أضاف: «أن الذي وضع النقاط على الحروف بصورة واضحة هو جلالة الملك، حين أعلن عدم تأييده سجن الصحافيين، وأنا كتبت رسالة شخصية أوضحت لهم رأي جلالته، وشخصياً لا أريد سجن الصحافي». ومن المبكيات فعلاً أن يسدر النواب في غيهم حتى تضطر أكبر السلطات العليا في نهاية المطاف، إلى التدخل لمنع هذه الانتكاسة من تشويه الإصلاح وإرباكه.
الجلسة ابتدأت وانتهت بالسؤال عن حبس الصحافيين، ليس خوفاً من السجن، فكثير من صحافيي المرحلة الجديدة كانوا من ضحايا «قانون أمن الدولة» وقضوا سنين طويلة وراء القضبان ضريبة حمل الهمّ الوطني العام، ولكن المأساة أن تتحول السلطة التشريعية إلى «حداد» يصنع القيود في زمن الإصلاح، لتعود حرية التعبير إلى السجن من جديد
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1280 - الأربعاء 08 مارس 2006م الموافق 07 صفر 1427هـ