العدد 1279 - الثلثاء 07 مارس 2006م الموافق 06 صفر 1427هـ

مواطنــون يحكــون قصــص الصراع مع «موازنة الشهر»

موجة «غلاء الأسعار» تحاصر المستهلكين «1»:

لا يمكن اعتبار وضعية الأسعار في سوق البحرين - والتي ترتفع في كل الاتجاهات - طبيعية إطلاقا! وخصوصاً أسعار المواد التموينية والأغذية! وليست شكوى المستهلكين من مواطنين ومقيمين جاءت من «باطل» أو افتراء على التجار والشركات، فالملاحظ أن بضعة «فلسات» تضاف الى علبة الحليب اليوم، قد يتبعها غدا اضافة فلسات أخرى وهكذا!

وماذا عن المستهلك؟ ببساطة، الموازنة التي بحوزته وبحوزتنا وبحوزتكم، لا يمكن أن تلبي الاحتياجات الأساسية ولا يمكنها مصارعة غول الأسعار المخيف.

المستهلكون، حين يتحدثون عن ارتفاع الأسعار، فإنهم يطرحون حلولا ومنها إعادة النظر في الرواتب والأجور، بل إن بعضهم رأى في العمل الإضافي حلا والآخر تعكز على «الأوفرتايم» بينما سخط الكثيرون على الوضع الراهن وألقوا المسئولية في ارتفاع غلاء الأسعار على تغافل المعنيين، والملفت لجوء البعض إلى الدول المجاورة لترميم موازنتهم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه أو «الفيزا كارد» كسبيل للخروج من ضنك لا مفر منه في حين كانت شماعة النصيب والتسليم بالأمر الواقع الطريق الوحيد لمعظم ذوي الدخل المحدود.

كانت تلك نتيجة استطلاع قامت به «الوسط» عن غلاء الأسعار في المملكة في محاولة لمعرفة أسباب هذا الغلاء، من المسئول، كيفية تعامل الشارع مع هذا الوضع والتبعات حياله، فضلا عن الوقوف عند نماذج لموازنات بعض المواطنين والمقيمين.

أسئلتنا وجهناها للموظف بداية بالقطاع الخاص سعيد مهدي والذي رأى ضرورة وضع سقف للأسعار لا يتجاوزه التجار وأصحاب المحلات فضلا عن تشكيل لجان مراقبة وتغريم المخالفين والتشديد على تفعيل نشاط هذه اللجان بعد أن بلغ الارتفاع في الأسعار حداً لا يصح السكوت عليه ليشمل الأغنية يطال الألبسة مرورا بمواد البناء والملفت انه وصل إلى الأدوية والمستلزمات الطبية.

وأرجع مهدى السبب في ذلك إلى تعاون التجار وسعيهم إلى الربح بأية طريقة وتغافل غرفة تجارة وصناعة البحرين.

وفيما يخص سؤالنا له عن الحل في «ترقيع» موازنة المواطن أجاب: «نلجأ إلى القروض تارة وإلى الدين تارة أخرى في أسوأ الحالات».

وامتد تفكير سعيد لايجاد حلول إلى فكرة العمل في إحدى الدول الخليجية.

ولم يختلف الوضع كثيرا بالنسبة للموظفة (ف. ط) والتي تؤمن هي الأخرى بضرورة وجود خطة وآلية يمشى عليها التجار متطرقة إلى دور جمعية حماية المستهلك المتمثل في مراقبة التجار والسلع والمنتجات لضمان سلامة المستهلك من التحايل والنصب.

وبنبرة يائسة تذكر (ف. ط) أن غالبية الشعب البحريني يعيش ذات الوضع ويلجأ إلى ذات الحلول والمخارج ولا ينظر إلى المستقبل بقدر ما يركز على أن يعيش الحاضر مجبرا لا مخيرا.

ويوافقها الرأي حسين علي الموظف بإحدى شركات المقاولات والذي استغرب بدوره من ارتفاع أسعار البناء ما دفعه إلى التوقف عن بناء شقة » إلى إشعار آخر».

وكان العمل الإضافي بعد الظهر هو السبيل الوحيد له إلى تعديل الموازنة ولا مجال فيها للكماليات.

التضخم الاقتصادي

علي عبدالله ونسرين حميد زوجان التقينا بهما في احد المقاهي «كوفي شوب» بمجمع السيف، زوجان عاملان حديثا العهد بالزواج أعربا عن وجود تضخم اقتصادي بالمملكة وارتفاع في الأسعار يقابله ثبات في الرواتب ما يشكل عبئاً على المواطن وأزمة اقتصادية ومعيشية له على حد قولهما.

هذا وتذكر لنا نسرين حادثه تعرضا لها في شهر رمضان فتقول: «كالعادة في شهر رمضان نخرج للسحور خارج المنزل فوجئنا مرة بأن أحد المطاعم عمد إلى تجديد قائمة طعامه «المينيو» فتبادر إلى ذهني أنهم زادوا في السعر، ولم يخب ظني فعلاً فقد تم زيادة 100 فلس على كل الطلبات استعدادا للعيد».

ويضم علي عبدالله صوته إلى من سبقه بضرورة تشكيل هيئة حكومية تعنى بمراقبة هذه الظاهرة التي بدأت تتفشى في المملكة قبل أن لا يكون الراتب كافيا لشراء ابسط المستلزمات.

وعند سؤالنا لهما عن كيفية تكيفهما مع صعوبة الحياة وتعقد الموازنة أجابا ببرود ونظرة ساخرة «الفيزا هي الحل» فيقول علي: «الفيزا شر لابد منه على الأقل حل وإن كان مؤقتاً وغير جذري إلا انه أفضل من الدين وسؤال الناس».

«كثرة وجود العمالة الوافدة ودخولها مضمار التنافس مع التجار المحليين هو السبب وراء أزمة الأسعار» كان هذا رد الموظف بالقطاع الخاص وليد كويتان (35 سنه) وله من الأبناء ولدان والذي عبر بدوره عن سخطه حيال ارتفاع الأسعار في المملكة بطريقه مفاجئة في كل السلع والمنتجات محلية كانت أم مستوردة ما حرا بالمواطنين الى اللجوء للخارج ليتبضعوا في محاولة لضبط الموازنة ليكفيهم الراتب المحدود لنهاية الشهر - على حد قوله .

ولم يأت كويتان بحل مغاير لهذه الأزمة عن سالفيه فقد دعا بضرورة وجود رقابة على التجار والحد من العمالة الأجنبية لضبط سير عمل السوق.

أين نحن من هذه الرقابة؟

وفي هذه المساحة يروي لنا محمد عبدالنبي (28 سنه) مستغربا موقف تعرض له في إحدى دول الخليج أثناء تبضعه في احد المحلات ليرى أحدهم وقد صدم بزيادة سعر احدى السلع ما حرا به إلى إجراء مكالمة هاتفية وفي غضون دقائق وصل رجال الشرطة ليغرموا صاحب المحل نظير تلاعبه بأسعار سلع موحدة التسعيرة فأين نحن من هذه الرقابة؟

ويرى سعيد علي أن السبب في ارتفاع الأسعار هو النمو الاقتصادي، قلة الشراء وسياسة الاحتكار التي يتبعها بعض التجار ليرى الحل في رفع دخل المواطن بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار كي يتمكن المواطن من الحياة حياة كريمه.

يأخذ الموضوع بعدا آخر من وجهة نظر الموظفة بمستشفى أبن النفيس الطبي علياء حسن إذ ترى أن المستوى الذي ترغب الأسرة البحرينية العيش فيه يحدد مدى إمكان السيطرة على الموازنة أم لا فالشراء من أماكن تعد إن جاز التعبير شعبية أو منخفضة المستوى من شانه أن يحدث فرقا في الموازنة فيما لو عمدت الأسرة إلى الشراء من محلات عالمية.

وتستطرد موضحه أن تزايد وجود مثل تلك المحلات الشعبية أوجد حلا لبعض الأسر المحدودة الدخل وإن كانت البضائع دون المستوى المطلوب ألا انها على الأقل تعد حلا لمشكلة غلاء الأسعار وأزمة السيطرة على الموازنة بالنسبة لذوي الدخل المحدود.

ارتفاع سعر النفط نقمة أم نعمة؟

وفي سؤالنا لها عن السبب وراء هذا الغلاء ترد علياء: إن ارتفاع أسعار النفط وانتعاش الاقتصاد جاء نقمة على المواطن أكثر من كونه نعمة وأدى إلى ارتفاع ملحوظ في السلع والخدمات على حد سواء ما عقد المعيشة على المواطن البسيط.

نموذج لموازنة أحد المواطنين كانت رداً على سؤال وجهناه لعبدالرحمن الفاضل عن كيفية إعداده لموازنته الشهرية في ظل غلاء الأسعار والذي بدوره استقطع من راتبه مبلغاً للإيجار وآخر لقرض البنك فضلا عن مصروف البيت الشهري متغافلا تحديد مبلغ للتنزه أو تبضع الكماليات أو حتى الادخار للزمن.

ولم تكن موازنة الموظفة بمجمع السلمانية الطبي أم أحمد أفضل حالا، فقد أضافت على سالفها مبلغاً لمساعدة والديها وأشارت إلى أنها تعمد إلى عمل الجمعيات لسد أي نقص في الموازنة الشهرية ملغية فكرة السفر والاستجمام.

ولم يخف المواطن فوزي الدرازي تهكمه من ارتفاع الأسعار الذي يتزامن مع كل » بونس» أو «مكرمة» فضلا عن أيام المناسبات كشهر رمضان والعيد وشهري محرم وصفر.

إن كان هذا هو حال المواطنين فكيف هو الحال لدى المقيمين والوافدين؟ داليا بسيوني مصرية الجنسية مقيمة في المملكة وتعمل في إحدى الشركات الخاصة كأخصائية إعلامية تقول «عشت طوال عمري بالمملكة لتعذر وصعوبة الحياة في بلدي ولن أنكر ذلك لاسيما بعد ارتفاع في الأسعار ما بين 15 في المئة إلى 40 في المئة وفقا لما جاء في التصريحات الرسمية والغالبية يرون أن نسب الارتفاعات تتجاوز ذلك بكثير لترتفع أسعار جميع السلع الأساسية بدءا بالدقيق الذي خلق أزمة رغيف الخبز (40 في المئة)، لتمتد حمى الارتفاع إلى اللحوم الحمراء وأيضا الزيوت والتسالي فضلا إلى انتقالها إلى السلع الزراعية و الخدمات».

وتنوه إلى أن الحال في المملكة وإن كان صعبا يعد الأسهل على حد قولها عن نظيره في جمهورية مصر العربية نظرا لحال التضخم الاقتصادي وارتفاع سعر الدولار في ظل تدني الأجور وزيادة عدد السكان المستمرة.

وتضيف محللة: «إذا استمر الوضع على ما هو عليه في المملكة لا استبعد أن تمسى مصر ثانية».

وأخيراً... قد نكون على أعقاب أزمة حقيقية أو لربما نحن في خضمها، ولكن المؤكد أننا بحاجه إلى حلول جذرية وتحرك جدي من المعنيين قبل أن يمسى رغيف الخبز بعشرة أضعاف ثمنه الحالي

العدد 1279 - الثلثاء 07 مارس 2006م الموافق 06 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً