أعتقد وكما يعتقد الكثيرون مثلي أن يوم المرأة العالمي هذا العام الذي يصادف (8 مارس/ آذار الجاري)، أتى مختلفاً تماماً عن الاحتفال به في السنوات الماضية بالنسبة إلى المرأة البحرينية، فالقدر لم يخيب أمل النساء اللاتي حلمن بولادة كيان جديد يمثلهن تمثيلاً حقيقياً ويشاركن فيه بقناعة تامة، كما أنني على يقين بأن النساء «المخلصات» والناشطات لن يجعلن هذا اليوم يمر من دون أن يحتفلن به، وإن كانت سعادتهن 3/4 «السعادة»، إلا أن المرء الواقعي دائماً ما يفضل الاحتفال بنصف «سعادة حقيقية» على أن يخدع نفسه بالاحتفال بسعادة كاملة ومزيفة في الوقت نفسه.
وإذا ما افترضت أن ساحة البحرينيات الأهلية خالية من أي مشروعات تستحق التكريم ونيل مرتبة الشرف الأولى، فإن إشهار الاتحاد النسائي «قضائياً» قبل أسبوع من تاريخ يوم المرأة يعتبر أفضل إنجاز لهن بعد انتظار دام أكثر من 34 عاماً.
فإشهار المحكمة للاتحاد النسائي يعطي مؤشراً يقود إلى التفاؤل، بعكس الطلبة الذين يقفون مكتوفي الأيدي وهم ينظرون إلى انتصار المرأة، ويتفرجون على إجهاض اتحادهم مقابل ولادة اتحاد النساء، على رغم أن الفكرتين جاءتا في قرن واحد، وفي سنوات متقاربة، ان لم يكن «الطلابي» سبق «النسائي» في الفكرة والمشروع بحسب ما نعرف.
وفي هذا اليوم، وعلى رغم أنني لا أنوي تعكير أمزجة عضوات الاتحاد وحلفائهن، فإن الحقيقة تبقى واقعاً لابد من مواجهته، وهو أن وزيرة التنمية فاطمة البلوشي مقيدة بقانون يلزمها بعدم إشهار الاتحاد لأن من ضمن بنوده بند أو هدف سياسي، وبذلك فأنا لا ألومها إذا ما تقدمت بطلب استئناف للحكم القضائي الذي أتى لصالح الاتحاد النسائي، كما لا ألوم القاضي لنزاهته وتبرئته للاتحاد، وأن أردت ذلك فسأوجه اللوم إلى الوزيرين السابقين، وليعذراني، لأنهما تحركا في مكانهما أثناء متابعتهما الإجراءات مع تحضيرية الاتحاد طوال الأعوام السابقة.
ومع تأملي لقضية الاتحاد النسائي أجده يحمل ضمن أهدافه العمل على إشراك المرأة بصورة فاعلة في الحياة السياسية، وعندما أدقق في هذا الهدف تحديداً، أسأل عن معنى السياسة والتسييس، الكلمة التي تكون قريبة وبعيدة في الوقت نفسه من موضوع الاتحاد، وهنا أطرح سؤالاً لا أجد له جواباً مقنعاً، وهو: هل شمول الاتحاد أهدافاً سياسية يعني أنه كيان سياسي أم مسيس؟ وفي كلتا الحالتين أعود لأطرح سؤالاً آخر: أليست السياسة هي التي تحرك حياتنا اليومية؟ فإن كان الجواب بالنفي، فهذا يعني أنني إذا تكلمت عن قضية إسكانية أو بطالة أو انتقدت أحد النواب، فإنني إما سياسية أو مسيسة، وبالتالي لا يحق لي التحدث عن أي من تلك القضايا أو غيرها، وهكذا يجب ألا أتحدث عن النقود والبورصة وأسعار الذهب لأنني سأكون في ذلك الوقت «متقصدة»!
ولأنني تركت أسئلة كثيرة تبادرت إلى ذهني من دون إجابات، فقررت أن أختم بسؤال أخير: ما مدى أحقية الأفراد في وجود جهات أهلية وحكومية تمثلهم مثلما يمتلك الشباب المؤسسة العامة للشباب والرياضة والجمعيات الشبابية التي فضلوا اختيارها على المؤسسة لأنها لم تحتضنهم كما احتضنتهم تلك الجمعيات
إقرأ أيضا لـ "فرح العوض"العدد 1278 - الإثنين 06 مارس 2006م الموافق 05 صفر 1427هـ