يقول التقرير الاقتصادي العربي الموحد ان معظم أجزاء الوطن العربي تقع في مناطق مناخية جافة وشبه جافة، تقل فيها الامطار، وتمتد فيها أكبر رقعة صحراوية في العالم، وتتميز بارتفاع معدلات الفاقد من الامطار عن طريق التبخر على مدار السنة، ما يقلل الاستفادة من المياه العائدة، ويؤثر سلبا على المياه الجوفية التي تتصف بضآلة التغذية السنوية حينا، وانعدامها احيانا، وزيادة تركيز الاملاح فيها. ولا شك في ان الوطن العربي عانى من ضغوط شديدة على موارده المائية المتاحة، فهو يمثل 10 في المئة من مساحة العالم، و5 في المئة من مجموع سكانه ولكنه يحظى فقط بأقل من 0,5 في المئة من موارد العالم المائية العذبة المتجددة، ما يجعل متوسط معدل نصيب الفرد فيه من المياه المتجددة من اقل المعدلات في العالم.
ويزيد الامر صعوبة ان استهلاك المياه في الدول العربية يزيد بمعدلات مرتفعة نتيجة التزايد المطرد في عدد السكان وما يرافقه من تغيرات اقتصادية واجتماعية اضافة الى الهدر في استخدام المياه، والاستثمار الجائر للطبقات المائية الجوفية في كثير من الدول العربية. بالاضافة الى ذلك فإن 90 في المئة من الاراضي العربية هي مناطق شديدة الجفاف وشبه جافة، وتغطي الرقعة الصحراوية 68 في المئة من مساحة اراضي الوطن العربي، و20 في المئة من المساحة المتبقية عرضة للتصحر بتأثير عوامل البيئة والاستخدامات البشرية غير المخططة أو غير الملائمة.
ويمكننا ان نلاحظ هنا ان مشكلة شح المياه في الوطن العربي تتصاعد حدتها بسرعة كبيرة، اذ تدنى نصيب الفرد الواحد في السنة من 3800 متر مكعب العام 1950 إلى 1020 مترا مكعبا العام 2003، أي ما يقارب 73 في المئة خلال 53 عاما. ويعود ذلك إلى ارتفاع معدل نمو سكان الوطن العربي البالغ 2,5 في المئة، وهو من اعلى المعدلات في العالم. إذ يبلغ المعدل المتوسط للعالم 1,7 في المئة، والدول الصناعية 0,7 في المئة.
ان اولويات سياسات تأمين احتياجات المياه في الدول العربية يجب ان تكون واضحة ومدروسة فعلاً. فاولى هذه الاولويات هو ضرورة ان تلجأ هذه الدول الى وضع استراتيجيات موحدة لمواجهة تحدي احتياجات الغذاء لان هذه الدول ستظل في المستقبل المنظور من المستوردين الرئيسيين للحبوب في العالم. وبالتالي فان بامكانها ان تلعب دورا مؤثرا في صوغ نظام التجارة العالمي للحبوب.
اما التحدي الاستراتيجي الآخر فهو تحسين استخدامات المياه في دول المنطقة ويطلق على هذا المفهوم »ادارة الطلب« من قبل واضعي سياسات المياه بدول المنطقة. وفي الحالات التي لا يكون فيها توفير المياه لا يمثل مشكلة، يقترح الاقتصاديون ان يتم توجيه استخدامات المياه للمصادر القادرة على استخدامه بشكل اكفأ. ففي الحقل، يجب توجيه المياه للمحاصيل التي تحقق أفضل استخدام للمياه وبالوقت نفسه أعلى منفعة للاقتصاد ككل مثل الخضراوات ذات القيمة العالية بدلا من الاعلاف والاغذية الحيوانية وعلى مستوى القطاعات الاقتصادية الاولوية يجب ان تعطى للصناعة قبل الزراعة وبالنسبة إلى التحدي الثالث هو زيادة كفاءة استخدام مصادر المياه الحالية لزيادة العوائد المتحصلة منها. ويمكن تحقيق ذلك من خلال توظيف الاستثمارات الضرورية في تقنيات استخدامات المياه والادارة البشرية. واخيرا فإنه من الضروري فعلاً اعتماد استراتيجية عربية للزراعة والتنمية والاهتمام بتحسين البيئة والمحافظة على الموارد وعلى التوازن الطبيعي لها وعلى انتهاج النظم الزراعية والمائية والسمكية التي تضمن تحقيق الاهداف الانمائية من دون الحاق اضرار لا يمكن تداركها
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1278 - الإثنين 06 مارس 2006م الموافق 05 صفر 1427هـ