العدد 1278 - الإثنين 06 مارس 2006م الموافق 05 صفر 1427هـ

الظواهري في عليائه

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الشريط الذي بثته قناة «الجزيرة» مساء السبت الماضي، نصب أيمن الظواهري نفسه وصياً على شعب فلسطين، وقيّماً على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تخوض حرباً مفتوحة ضد المحتل الإسرائيلي منذ سنوات، قدمت خلالها خيرة شبابها وأكبر كوادرها في جهادها الطويل.

الظواهري من معقله في أحد جبال أفغانستان، دعا في شريطه (الكليب) الجديد الحركة إلى «مواصلة الكفاح المسلح»، فالخوف كل الخوف أن تركن الحركة المجاهدة إلى الدنيا وتبيع فلسطين!

وفي نبرةٍ تفوح منها رائحة الأستاذية والاستعلاء، أملى الظواهري درساً على الحركة التي بدأت طريق الانحراف: «... البديل الوحيد المتوافر لكم هو مواصلة الكفاح المسلح حتى تحرير فلسطين وإقامة دولة إسلامية».

ومن معقله الحصين في ذلك الجبل، حضّ الظواهري المسئولين في حركة حماس على عدم الجلوس في المجلس التشريعي الفلسطيني «مع علمانيين باعوا فلسطين»، فالعلمانيون الذين يختلفون معكم ليسوا بشراً، وإنما مجموعة من الأغنام السائبة، والأغنام مردها الذبح على الطريقة الإسلامية!

واسترسل في وعظه الديني من فوق برجه العاجي : «اعلموا أن هؤلاء العلمانيين في السلطة الفلسطينية باعوا فلسطين ويعتبرهم الإسلام مجرمين. والحصول على 80 مقعداً لا يبرّر الدخول في اللعبة السياسية للأميركيين». فالساحة مفتوحة، والقتال سيمتد إلى يوم القيامة، تماماً كما قال جورج بوش من قبل: «حربنا ممتدة إلى ما لا نهاية»، وعلى الفلسطينيين أن يدفعوا ثمن المحرقة! بل وليس من المسموح لهم أن يفكروا بطريقة، أية طريقة، يتدبرون فيها شئون حياتهم أو يفكّرون في أمر معيشتهم، في ظل احتلالٍ شرسٍ لا يرحم.

وأضاف الظواهري أن «السلطة ليست غاية في ذاتها، السلطة الحقيقية تقضي بتطبيق الشريعة الإسلامية على الأرض». وأوضح ان «الدخول في المجلس نفسه مثل العلمانيين والاعتراف بشرعيتهم وبالاتفاقات التي وقّعوها مخالف للاسلام»... أما ما لا يخالف الإسلام فهي العمليات «الجهادية» المفتوحة، التي يذهب ضحيتها الأبرياء من مختلف بقاع الأرض، من الدار البيضاء إلى مكة والرياض وبالي وبغداد... حتى لندن ومدريد. كل شعوب الأرض إما «كفار» أو «مشركون»، وليس هناك مسلم حقيقي إلا المقيمون في الكهوف ورؤوس الجبال.

حماس، بشيوخها وكوادرها وجهادها الضخم وحركتها على أرض محتلة باعها الأقربون وتآمر عليها الأبعدون، والتي خاطبها الظواهري كما يخاطب طفلاً في الروضة، بادرت بالرد على لسان رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، بالقول «ان خصوصية الساحة الفلسطينية تفرض التعامل مع الشأن السياسي». وتبعه محمد نزال وأسامة حمدان، في تصريحاتٍ مشابهة، ترفض هذه الروح الاستعلائية، و«التشاطر» على المجاهدين في ساحة الوغى، خصوصاً إذا كان من أشخاص مختبئين في الجبال.

حجّة قادة ومجاهدي حماس ستقنع الكثيرين من أبناء الأمة: «أهل فلسطين أدرى بمشكلاتها وشعابها»، وسيردّد الإعلام العربي هذه التصريحات رداً على هذا الأستاذ المجاهد، فربّما كفّ لسانه ووصايته وشرّه عنهم، أما في ساحة أخرى، وفي بلدٍ عربيٍّ محتلٍ آخر، فسيستمر مسلسل قتل الأبرياء وذبح العمال وحز رؤوسهم، وتفجير المطاعم والمستشفيات، واستهداف المساجد والحسينيات، مع تصفيقٍ حارٍ من الفضائيات العربية «المجاهدة»

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1278 - الإثنين 06 مارس 2006م الموافق 05 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً