لم تكن الحركات الشبابية الوطنية في البحرين وليدة السنوات الخمس الماضية، بل كان لها امتدادها التاريخي العريق والمشرف الذي حمل الكثير من نضالات شباب مملكتنا البحرين الذين ضحوا بكل ما لديهم من أجل المطالبة بحقوقهم وتحقيق مطالب شعبهم، إذ كان لاتحاد الشباب الديمقراطي البحراني (اشدب) دورا نضاليا بارزا، وكذلك المنظمات الشبابية الأخرى والاتحاد الوطني لطلبة البحرين إذ لم ينفصل عمل هذه المنظمات عن المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية على اساس أن الشباب يمتلك طاقات كبيرة لابد من الاستفادة منها، كانت لكل تلك المنظمات محطات تاريخية لا يمكن نسيانها.

وقد شكل ميثاق العمل الوطني ثمرة لنضال شعبنا التي تجسدت عبر العقود الثلاثة الماضية، حمل هذا المشروع الكثير من المضامين التي لطالما ناد بها أبناء شعبنا ودفعوا من أجلها الغالي والنفيس.

إن تلك المرحلة الانتقالية التي دشنت بالمشروع الاصلاحي لجلالة الملك كان لها الاثر الكبير في تشكيل الجمعيات الشبابية بمختلف توجهاتها، إذ اتاحت الفرصة للشباب لتنظيم انفسهم في تنظيمات متنوعة تجمعهم الاهداف التي صاغوها وحرصوا طوال الخمس سنوات الماضية على تحقيقها من خلال برامجهم الثقافية والاجتماعية والسياسية من دون وجود أي قيود أو حواجز تقف في طريق تحقيق طموحاتهم.

لكن للأسف فإن سقف الحريات المتاحة بدأ يتقلص شيئاً فشيئ، فما جاء في خطاب وزارة التنمية الاجتماعية الأخير الموجه للجمعيات والذي نص على تعديل نظم الجمعيات الشبابية بما يكفل فصلها عن جميع الأنشطة السياسية ما هو إلا بداية لتراجع خطير عن مكتسبات المرحلة الإصلاحية وتقليص للحريات التي اتيحت في بدايات تأسيس الجمعيات التي اتيحت فيها فرصة وضع البرامج التثقيفية والتوعوية بكل حرية، فاللشباب حق في التزود بكل أشكال الوعي والتي من ضمنها الوعي السياسي ولا يمكن أن نفصل العمل الشبابي عن قضايا الوطن وحتى القضايا العربية والعالمية، وعلى هذا الاساس فإن على وزارة التنمية الاجتماعية التمييز بين العمل السياسي كعمل حزبي خاص بالجمعيات السياسية وبين التوعية السياسية عموماً والمنطلقة من برامج بعض من الجمعيات الشبابية، لهذا ينبغي تمييز دور الجمعيات السياسية في عملها السياسي ودور الجمعيات الشبابية في جانب التوعية السياسية حتى لا تختلط الامور وتتقلص الحريات.