ما أن تبدأ مناقشة بشأن الوضع الاقتصادي في البحرين حتى تنتهي بالقول «ليس هناك من فائدة... البحرين سوق صغيرة، بموارد اقتصادية شحيحة، ومشكلات اقتصادية مزمنة...» تحولت هذه المقولات إلى ما يشبه المسلمات المحبطة التي تسد الأبواب حتى أمام التفكير في مشروعات اقتصادية فما بالك بتنفيذها. ولا يملك غير المقتنع بتلك المقولات سوى الصمت.
كنت جنديا في جيش الصامتين حتى وقعت بين يدي معلومات حول ايسلندا، هذه الصحراء الجليدية التي لا تتجاوز مساحتها 103,125 كم مربع، وعدد سكانها 293,291 نسمة، (2004)، يبلغ إجمالي الناتج القومي لها 9 مليارات دولار أميركي (2003).
يعتمد اقتصاد الجزيرة على صيد الأسماك بشكل أساسي، إذ تشكل 60 في المئة من صادرات البلاد وتشغل 8 في المئة من الأيدي العاملة. الماشية ومنتجات الألبان هي أهم صادرات البلاد الأخرى. الى جانب صناعة المواد الغذائية وخصوصاً المتعلقة بالأسماك، هناك صناعة مواد البناء. عائدات البلاد من السياحة بازدياد وخصوصاً السياحة البيئية ومراقبة الحيتان. نسبة البطالة التي بلغت 2,6 في المئة العام 2004 هي ثاني أقل نسبة في العالم.
لكن تتميز ايسلندا الصغيرة والبعيدة بأحد أعلى معدلات النمو في أوروبا. وتمضي الأرقام لتقول... تبلغ نسبة المتعلمين في ايسلندا 100 في المئة... أي نسبة أمية صفر في المئة. وعلى كل مواطن ايسلندي أن يحصل على شهادة مدرسية ليجد عملا، وعليه أيضا أن يكون قادرا على التحدث بثلاث لغات بطلاقة وتبعا لذلك فان ايسلندا فيها اكبر عدد من القراء في العالم بالنسبة إلى عدد السكان.
أهم من ذلك تقف هذه الجزيرة في قائمة الدول التي ستطبق اقتصاد الهيدروجين وهو اقتصاد يجعل من غاز الهيدروجين المصدر الرئيسي للطاقة في البلاد، وهذ ما دفع ثلاث شركات صناعية عملاقة (رويال دوتش شل، وديملر كرايزلر، ونورسك هيدرو) واتحاد مؤسسات محلي ترأسه جامعة ايسلندا أن تجعل من الجزيرة الايسلندية مختبرا لـ (اقتصاد الهيدروجين). ومن المتوقع أنه بحلول العام 2030، كحد أقصى، سيتم تشغيل الحافلات والسيارات الخاصة وأسطول الصيد الضخم بالهيدروجين والخلايا الوقودية.
السر في ذلك لقد احتلت ايسلندا المرتبة الاولى في ترتيب الدول التي تعرف نسبة فساد حكومي أقل، كما ورد في تقرير الشفافية العالمي، وهي من بين «أكثر البلدان فعالية وثراء وانصافاً في العالم»، كما كتب روبرت تايلور من كلية الاقتصاد في لندن الخريف الماضي.
إنجازات ايسلندا كفيلة بدحض مسلمات الإحباط التي تسود تفكيرنا وتصيبه بالشلل
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1277 - الأحد 05 مارس 2006م الموافق 04 صفر 1427هـ