العدد 1277 - الأحد 05 مارس 2006م الموافق 04 صفر 1427هـ

تظاهرة نسائية حاشدة

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

شهد مهرجان الملا عطية الجمري الحسيني الأول الذي كان تحت شعار «إبداع للدين والوطن»، في يومه السادس تظاهرة نسائية حاشدة في ندوة «الخطاب النسائي وتحديثه». إذ تناولت الندوة موضوعاً مهماً جداً على الساحة هو موضوع الخطاب النسائي الذي يصفه الكثير من المراقبين والمتابعين بالجامد وبالبعيد عن التطوير والتغيير نتيجة لعدة أسباب، ناقشتها المنتديات في الندوة بوجود القارئات الحسينيات المخضرمات في المجالس الحسينية إلى جانب القارئات الحسينيات المبتدئات. الندوة كانت ناجحة بكل المقاييس إذ إنها لم تعتمد فقط على التشخيص الميداني والذي عادة تركز عليه الندوات وبالتالي تفقد الندوة أهميتها وفائدتها، من دون العمل على طرح البدائل والحلول التطويرية والتوصيات والنصائح العملية التي من الممكن الأخذ بها في سبيل تطوير الخطاب النسائي بهدف توصيل أهداف مبادئ ثورة الإمام الحسين (ع) للأجيال جيلاً بعد جيل بلغة تنسجم مع ظروف المرحلة، فهناك الكثير من المؤشرات الإيجابية التي تؤكد نجاح الندوة غير المسبوق واتضح ذلك من خلال الحضور الحاشد في قاعة مأتم الإمام الباقر (ع) الرئيسية إلى جانب الغرفة الملحقة بالمأتم والتي عادة ما تكون خاصة للقطاع النسائي في سائر الفعاليات الأخرى المشتركة، فقد غصت بالحضور وفاق عدد الحاضرات الـ 500 يمثلن غالبية مناطق البحرين ويعبّرن عن مستويات متفاوتة وتجارب مختلفة في الخطاب النسائي وصوره. المنتديات المشاركات في الندوة قدمن تجاربهن الشخصية إلى جانب تناولهن تقارير موجزة عن تطور تجربة المجالس الحسينية كلٌّ بحسب بلدتها والتي أجمع عليها الجمهور بأنها في غالبها متشابهة إلى حد كبير فالظروف واحدة وأسباب ضعف الخطابة متشابهة والحلول والمقترحات تكاد تكون واحدة، وبالتالي جمهور الندوة تمكن من ملامسة تجربة كل من البحرين والشقيقة السعودية والكويت، ولاسيما أن اللجنة المنظمة للمهرجان حرصت كل الحرص على انتقاء الخبرات المقدمة للندوات لضمان الاستفادة الحقة وبالتالي المنتديات المشاركات في الندوة يتمتعن بتجارب عملية ورصيد موفور في أوساط الخطابة النسائية وكل واحدة فيهن تمثل علماً بارزاً في هذا المجال، لذلك كانت هناك صدقية كبيرة في طرحهن، بل ان بعضهن امتدت شهرتها إلى خارج حدود وطنهن الأم كل ذلك في سبيل خدمة الإمام الحسين (ع).

ما أود التأكيد عليه في هذا المقال أن نجاح الندوة يمثل تحدياً كبيراً أمام القارئات الحسينيات لكي يبدأن الآن واليوم وليس غداً، مرحلة التطوير والتجديد والتغيير في إدارة المجالس الحسينية وتبني الأسلوب الأمثل في الخطاب الحسيني، فقد خسرت المجالس الحسينية جمهورها وأصبحت النساء يضطررن إلى الجلوس على قارعة الطرق والأزقة لضمان الاستفادة من إرث عاشوراء الحسين كل عام من خلال حرصهن على حضور المجالس الحسينية الرجالية هرباً من المجالس الحسينية النسائية التي لم تعد تقدم الجديد والمفيد ولاتزال عتيقة في طرحها عنيدة في تحديثها أبت أن تتغير وبدت وكأنها كارهة للتطوير والتجديد، ففي كل عام تفقد المجالس الحسينية النسائية جمهورها، من دون وضع أي اعتبار للأسباب الحقيقية وراء ذلك، وكل ما هنالك يبدو وكأن الديمقراطية تتحقق في أوجها من خلال مواجهة ما يحدث من عزوف للمجالس الحسينية النسائية من قبل القطاع النسائي واصطفافهن في المجالس الحسينية الرجالية بأنه نوع من أنواع الحرية، بحيث يذهب كل مستمع ليستمع ما يريده وما يحبه، لذلك ظلت المجالس بعيدة عن التطوير ردحا من الزمن وهو أمر لا ينبغي تجاهله أبدا بل يحتاج إلى مواجهته بالأسلوب الأمثل لوضع النقاط على الحروف.

الندوة كانت تحمل هذه الرؤية التصحيحية والإصلاحية ولكنها كانت متخوفة بعض الشيء من ردات فعل القارئات الحسينيات، فقد كان من المتوقع رفضهن للتشخيص وبالتالي عدم انصياعهن للتوصيات المطروحة، ولكن ما حصل كان بمثابة سابقة، فقد اتسم الطرح بالصراحة والشفافية وكشفت الكثير من الأخطاء التي تمارس في المجالس الحسينية من الاستناد إلى روايات ضعيفة من أباطيل وغيرها من الأمور التي يجب التوقف عندها بأسلوب علمي وموضوعي، ما كان له أثر نفسي إيجابي كبير.

القارئات الحسينيات الحاضرات في الندوة عبّرن عن ارتياحهن واستئناسهن من المسائل التي طرحت في الندوة ووعدن بالعمل على معالجة المسائل المطروحة عملياً بشكل يتلاءم مع حجم عاشوراء الحسين وعظم المصيبة، فقد أمطرت السماء ليلتها أسئلة متواصلة وملحة من قبل جمهور الندوة وتقاطرت الأسئلة على منصة الندوة من كل حدب وصوب، القطاع النسائي المشارك في الندوة ما كان بوده غلق الملف واختتام الندوة على رغم بقائه قرابة الساعتين، كما أكدن على أن التعثر جاء نتيجة قلة الوعي وعدم توافر المعلومات الكافية لديهن، أما بعد الانتهاء من الندوة فإن النصائح والتوصيات سيعملن على تنفيذها وتحويلها إلى واقع عملي، وهن بدورهن قد أوصين الجهة المنظمة بضرورة الاستمرار في مواصلة تلك الجهود الرامية إلى تطوير الخطاب النسائي من خلال تناول مثل تلك الموضوعات في الأنشطة الثقافية لضخ مزيد من الوعي ومزيد من النضج لتحقيق مزيد من ثورة التغيير والتطوير والتجديد الذي يطول الخطاب النسائي وتحديثه.

هكذا يبدأ التطوير والتجديد... فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وفضل تحديث الخطاب الحسيني النسائي نستطيع أن ننسبه إلى الجهة المنظمة للمهرجان وهي المركز الثقافي والإعلامي بمأتم الإمام الباقر (ع)، بارك الله في جهودهم الطيبة... وإلى الأمام دائماً.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1277 - الأحد 05 مارس 2006م الموافق 04 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً