العدد 1276 - السبت 04 مارس 2006م الموافق 03 صفر 1427هـ

عصابة الدجالين

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كنا نظن أن حكام العالم الثالث وحدهم يستغلون اسم الله لتمرير سياساتهم، لكن تبين أن حكام الغرب «المتمدن»، «الديمقراطي»، «المتحضّر»، لا يقلون دجلاً وكذباً وافتراءً على الله عن زملائهم!

صدام حسين صرّح أمام المحكمة قبل أيام انه «لا يخاف إلا الله»، بينما صرح غريمه طوني بلير انه «استخار الله قبل اتخاذ قرار بالانضمام إلى غزو العراق»!

جاءت هذه الكذبة الرخيصة في سياق مقابلةٍ تلفزيونيةٍ بثت مساء أمس (السبت)، اعترف فيها أن قرار الانضمام للغزو الأميركي للعراق لم يكن سهلاً على ضميره الحي اليقظ!

الطريف أن هذا السياسي الذي اعتاد اللف والدوران على شعبه، وتعرّض لانتقاداتٍ عنيفةٍ في الداخل، لم يستحِ من القول إنه «كمؤمن كان عليه أن يلجأ إلى السماء بشأن هذا القرار الصعب جداً، والذي يتعلق بأرواح البشر». وهو الإيمان الذي يقابله إيمان صدام الذي لا يخشى إلا الله! كلاهما مؤمنٌ من رأسه حتى أخمص قدميه!

بلير تحدّث أيضاً عن «الضمير»، وزعم أنه اتخذ القرار «الذي يرضي ضميره ويتفق مع قناعاته»، ولم يتطرّق إلى المصالح النفطية و«الكارتلات» والرغبة في تأمين مصالح بلاده على المدى البعيد في ظل سيادة القطب الأوحد.

ولكي يؤكد بلير إيمانه بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر، فإنه أحال موضوع الخلاف بشأن مشروعية الحرب، إلى يوم القيامة، «فالله سيحكم على قراري بالمشاركة في حرب العراق»!

وكما حاول صدام إضفاء هالة «أسطورية» على ذاته الملكوتية في المحاكمة أخيراً، حاول نظيره بلير القيام باللعبة نفسها، حين قال «إن الله والتاريخ سيحكمان على ما إذا كنت على صواب في المشاركة في الحرب».

بلير الذي يقال إنه يذهب إلى الكنيسة بانتظام، (يعني بالخليجي: امطوّع حدّه، ما يرفع راسه من الأرض، اشحلاته)! يتصور الله (جلّت قدرته) واحداً من الأشخاص الجالسين أمامه في مجلس العموم! وخاطب مقدّم البرنامج التلفزيوني قائلاً: «لو كان عندك إيمان بشأن هذه الأشياء فإنك تدرك أن الحكم يصدره أشخاص آخرون». وعندما سأله عما يعنيه بهؤلاء الآخرين أجاب: «أقصد: إذا كان لديك إيمان بالله فإنها تتم بواسطة الله»، فحروب الكارتلات النفطية التي يشنها المحافظون الجدد ينسبها فضيلته إلى الله دون حياء!

المذيع حاول أن يتبع بلير إلى باب بيته فسأله: «هل تصلي قبل اتخاذ القرار»؟ فرفض الخوض في التفاصيل، ربما لأن «الشيطان يكمن في التفاصيل» كما يقول الإنجليز في أمثالهم، وهو إنسانٌ مؤمنٌ لا يحب إلاّ مقابلة الملائكة والقديسين... وكذلك بيل كلينتون (المطوّع الآخر صاحب مونيكا) الذي أغدق عليه بلير المديح مساء أمس!

صدام قتل من قتل تحت تأثير «خشية الله»، وبلير أرسل 40 ألف جندي إلى العراق «إيماناً بالله»، وبوش اجتاح أفغانستان والعراق خضوعاً لـ «أمر الله»... (كما أخبر محمود عباس).

يا جماعة... لقد كثر الدجّالون و(زادت الشلخ)، وأصبحت (الشلخة الواحدة لا تمر من باب البحرين)... فهل هي من علامات آخر الزمان

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1276 - السبت 04 مارس 2006م الموافق 03 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً