في طريقه إلى الهند كان الرئيس الأميركي جورج بوش يضع أمامه - بالإضافة إلى تقارير أخرى - تقريري صندوق النقد الدولي ومنظمة «وورلد ووتش الأميركية» عن عملاقي آسيا: الهند والصين. الأول يركز أساسا على أعراض الحالة الصحية التي يتمتع بها الاقتصاد الهندي والذي بحسب تقرير صندوق النقد الدولي، يحصد جهود 15 سنة من الإصلاحات الجذرية التي ستمكنه المحافظة على نسبة نمو تتراوح بين 810 في المئة. هذا إلى جانب 3 سنوات متتالية تحافظ فيها الهند على تراجع مستمر في عجز الموازنة الحكومية. يترافق ذلك مع حاجة الهند إلى حليف اقتصادي عالمي يساعدها على توفير مليون فرصة عمل ستلتحق بسوق العمل الهندي.
التقرير الثاني، يتحدث عن حجم الكتلة الهندية - الصينية مجتمعة في الخريطة العالمية. فهناك - وبحسب ما ورد في التقرير 2,5 مليار شخص بحاجة إلى من يلبي متطلباتهم من الطاقة والموارد الطبيعية. وكلا البلدين يعاني من ظمأ شديد للنفط. وتحولت الصين من الاكتفاء الذاتي للنفط، إلى ثاني أكبر مستورد عالمي له. أما الهند تضاعف استهلاكها من النفط منذ العام 1992. ويؤكد التقرير أن الزيادة المطردة في الحاجة العالمية للنفط مصدرها الزيادة التي عرفتها الأسواق الهندية - الصينية والتي سترفع الاستهلاك العالمي للنفط إلى 200 مليون برميل في اليوم بحلول العالم 2050، وقلة من خبراء الاقتصاد النفطي تعتقد بقدرة الإنتاج العالمي على تلبية ذلك الطلب حينها.
لكن التقرير يعود ليلقي المزيد من الأضواء على ما تشكله الكفة الصينية وحدها في موازنة الاقتصاد العالمي. ومما جاء في ذلك التقرير: انه خلال العام 2005 استهلكت الصين لوحدها 26 في المئة من الإنتاج العالمي من الصلب، و32 في المئة من إنتاجه من الرز، و 47 في المئة من إنتاجه من الاسمنت، ونحو 40 في المئة من الحنطة.
مما لاشك فيه أن الرئيس الأميركي يدرك أن الوقت لايزال مبكرا لقدرة الولايات المتحدة منفردة على اقتحام سور الصين العظيم، ومن هنا فهو بحاجة إلى حليف إقليمي له مصلحة في الوقوف أمام بكين كي يجعلا سوية من تمددها اقتصاديا، أو حتى سياسيا، خارج أسوارها مهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة، على ان يترافق ذلك مع مشروع متكامل لاختراق الأسواق الصينية التي لم يعد في وسع أحد إنكار أهميتها للاستثمارات العالمية الباحثة عن أسواق خارج الكتلة الغربية المثقلة بمشكلاتها الاقتصادية.
فهل ينجح بوش في تحويل الهند إلى حصان طروادة لدخول بكين؟ وبالمقابل، هل تستخدم الهند الورقة الأميركية في حربها التنافسية ضد بكين
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1276 - السبت 04 مارس 2006م الموافق 03 صفر 1427هـ