قطع العالم أجمع أشواطاً وأشواطاً، وتركنا نلحق بركبه كالسلحفاة، وعلى رغم ما نحن فيه لانزال نبحث عن فتات الطائفية، التي تتأجج يوماً وتخبو آخر، وتعاود الظهور ثالثاً.
لماذا اللعب على الأوتار الحساسة؟ ولماذا الخوض في جدالات لا تغني ولا تسمن من جوع؟ لماذا ننبش الماضي الذي أكل عليه الدهر وشرب ولم يعد لطرحه أي جدوى؟ أسئلة كثيرة تحوم في الأفق سببها تأجيج الطائفية وإذكاء نار الفتنة...
وبعد موضة الحوارات المفتوحة التي ملّ الناس منها، وبعد أسلوب المحاضرات التقليدية الطائفية، جاءتنا الكتب الطائفية وكان آخرها الكتاب الذي وزع في إحدى مدارس وزارة التربية والتعليم.
نحن لن نتكلم عن جوهر الكتاب الذي يهدف فيما يهدف إليه تحريض طائفة على أخرى، وأفضل وسيلة على ذلك توزيعه على التلاميذ الذين لايزالون في مرحلة تكوين الفكر... إن ما أثارني لتناول الموضوع هو قيام أحد الزملاء بطباعة كتاب عن إحدى الطوائف، وركز الكتاب في صفحاته الغزيرة في كلماتها القليلة في معناها على بعض الأفكار التكفيرية، وراح يجول ويصول ويحوم حول كيفية انتقاله من طائفة إلى أخرى، وكيف أنه كان أحد العلماء «الفطاحل» وخلص إلى تحميل علماء تلكم الطائفة كل القبائح والأعمال المشينة حتى أنه حول صرحهم العلمي إلى أشبه بملهى أو حجيرات إباحية! بالله عليكم، كيف يمكن لكتاب علمي أن يتحدث عن وقائع إباحية في صرح علمي دونما دليل، والأدهى أن صاحبنا يفتخر بالكتاب بل ووزعه على بقية الزملاء لكي يتصفحوا تاريخهم «المشين» بحسب الكاتب مجهول الهوية.
ولعلنا نستغرب من بعض المكتبات التي تبيح وجود مؤلفات لكتاب يلهثون وراء الدينار بعد أن باعوا أنفسهم بثمن بخس. فمن السهل على أي إنسان البحث عن ثغرات هذه الطائفة أو تلك، ويسود كتاباً عنها، ومن السهل أن نستهزئ بالمذهب الفلاني أو ذاك، ولكن... في النهاية ما الغرض من كل ذلك؟ هل أثرينا عقل القارئ بمعلومة جديدة؟ هل غيرنا التاريخ؟ لا هذا ولا ذاك.
والغريب، أن أصحاب هذه الكتب يستهدفون الفئات البسيطة التي تبني تصورها عن الطائفة الأخرى من خلال هذه الكتب التي لا تعتمد على سند علمي ولا على طرح منهجي.
نحن ندعو إلى كتابة ونشر المؤلفات التي تدعو إلى التقارب، فالطوائف لديها نقاط التقاء مشتركة كثيرة، فلماذا لا نبحث عنها؟ ولماذا هذا التحيز من الجهات الرسمية في تمرير بعض الكتب بينما تمنع كتب العلم بحجة أنها طائفية
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1276 - السبت 04 مارس 2006م الموافق 03 صفر 1427هـ