نواصل في هذه الحلقة الثانية قراءتنا لبعض انعكاسات اتفاق التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والبحرين. اشرنا بالأمس إلى ضرورة إقرار تشريع في البحرين يضمن حقوق الملكية الفكرية، موضوع اليوم يركز على بعض بنود الاتفاق.
يتضمن الاتفاق على 21 فصلا إضافة إلى بعض الملاحق، تعالج هذه الفصول بعض المسائل المهمة مثل تحرير تجارة السلع، تحرير تجارة الخدمات، تحرير وتطوير التجارة الالكترونية، تحرير أسواق الاتصالات، إزالة المعوقات الفنية للتجارة التعاون من أجل حماية البيئة، الحفاظ على حقوق العمال، تعزيز الملكية الفكرية، الشفافية في القوانين، تطوير الإجراءات الجمركية، التأكيد على التدابير الصحية، فتح أسواق البلدين أمام المشتريات الحكومية، فضلا عن التحكيم وحل النزاعات.
نرى أن بعض هذه البنود مهمة للغاية بالنسبة إلى البحرين. فهناك مبدأ الشفافية في القوانين والتشريعات إذ ينص الاتفاق على الالتزام بنشر القوانين المتعلقة بالتجارة والاستثمار. حقيقة ربما يساهم مفهوم الشفافية في تعزيز الموقع التنافسي بالنسبة إلى البحرين، إذ ستصبح مملكتنا متميزة مقارنة ببقية المتنافسين في المنطقة.
مصلحة أميركا
يبقى أن هناك بعض البنود غير طبيعية في الاتفاق مثل منح المعاملة الوطنية للمنتجات الوطنية حتى تتمكن من الدخول في المناقصات الحكومية بل والاستفادة من جميع المزايا. المؤكد أن هذا البند يخدم الجانب الأميركي، إذ لا يتوقع أن تتمكن الشركات البحرينية منافسة الشركات الأميركية العملاقة في المنافسة على عقود المشتريات الحكومية في الولايات المتحدة. بل قد نرى دخول الشركات الأميركية على الخط فيما يخص المشتريات الحكومية في البحرين وكأنها مؤسسات محلية. المعروف أن البحرين لا تمنح المعاملة نفسها لشركات مجلس التعاون الخليجي. والحال نفسه ينطبق على مبدأ المعاملة الوطنية للمواطنين الطبيعيين فيما يخص تحرير قطاع الخدمات بشكل كامل. وهذا الأمر غير متوافر لرعايا دول مجلس التعاون الخليجي. المعروف أن مجلس التعاون الخليجي لم يصل حتى الآن إلى مرحلة السوق المشتركة حتى يتم منح عوامل الإنتاج حرية الحركة في الدول الأعضاء.
تطوير قوانين العمل
من جهة أخرى يلاحظ أن البحرين ألتزمت من الناحية الأدبية بتطوير كل قوانين العمل في البلاد وجعلها تتلاءم مع متطلبات منظمة العمل الدولية. وألمحت البحرين إلى هذا الأمر وذلك أثناء مناقشة الكونغرس للاتفاق، إذ أكد بعض النواب من الحزب الديمقراطي ضرورة أن يتم تطوير كل قوانين العمل في البحرين والتأكد من أنها لا تتعارض مع روح مبادئ منظمة العمل الدولية. يبقى أن تطوير قوانين العمل غير ضرورية لتنفيذ اتفاق التجارة الحرية بين البلدين، إذ ان الأمر لا يعدو كونه رغبة بحرينية في الأمر. ويبدو أن حكومتنا وافقت على هذا الأمر لغرض الحصول على موافقة أعضاء الكونغرس للمصادقة على الاتفاق. والحال نفسه ينطبق على موضوع إنهاء البحرين المقاطعة التجارية للسلع الإسرائيلية. وكان أعضاء من الكونغرس طالبوا البحرين بضرورة إنهاء المقاطعة لإسرائيل لتحسين فرص مصادقة المشرعين الأميركيين لاتفاق التجارة الحرة. وهذا ما حدث فعلاً، إذ أنهت البحرين المقاطعة التجارية مع «إسرائيل».
يبدو جليا أن الرغبة في تحقيق المصادقة من قبل الكونغرس دفع حكومتنا بالموافقة على تحسين بعض التشريعات، وفي ذلك إحدى فوائد اتفاق التجارة الحرة. نختتم حديثنا يوم غد (الاثنين) إذ نتناول الفوائد المرجوة للاقتصاد البحريني.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1276 - السبت 04 مارس 2006م الموافق 03 صفر 1427هـ