«إذا كان القضاء البحريني لا يعتمد على القرائن، بل على الأوهام، فإن أحكامه كانت مخالفة للإرادة الملكية الكريمة، ولما يمثله الاقتصاد الحديث الحر المتعلم والمُدَرَب».
القضاء الذي جرم «التجمع» ورفض دعوى النيابة العامة الذاهبة إلى الإضرار بالممتلكات العامة في المطار، لم يكمل مهنيته ليكون الحكم مقتصراً على العقوبة المقررة «الحبس ستة أشهر»، ما يجعلنا مجبرين على قراءة الحكم القضائي من «زاوية سياسية».
يذهب البعض إلى الاعتقاد بأن القضاء «اهتم بتشويه صورة الاقتصاد البحريني»، ولذلك كانت العقوبة «مضاعفة»، والغريب في هذا المرتكز القانوني في الإضرار بالاقتصاد الوطني هو مرتكز غير ملموس، بمعنى أنه تصور «ذهني»، فالكثير من الاقتصاديين أكدوا أن «المظاهرات» لا تضر بأي اقتصاد حر، فكيف لتجمع «غير قانوني» أن يؤثر في الاقتصاد البحريني؟! لكن، هل بين ظهرانينا «قضاء» يحكم بالآراء، وما يدور بالأذهان، بعيداً عن الأدلة والقرائن؟!
وإذا كان الأمر خاضعاً للقضاء الخيالي، فقد كان على القضاة أن يتخيلوا سلسلة من المقاعد الدراسية الشاغرة - نسبة من المعتقلين هم صغار السن - إن لم تنتج كوادر متعلمة ومدربة لدعم الوطن واقتصاده، فإن السجن - بديل الحرية والتعليم - لن يصنع شعباً متعلماً، بقدر ما سيصنع «مصائب» وطنية.
نسبة من الموقوفين هم أرباب «أسر»، ولا أعتقد أن «التجمهر» غير القانوني ذريعة لهدم أسر بحرينية هي للتو في بداية التأسيس! قد نختلف في مدى تقييم السلوك الذي انتهجه «الموقوفون»، إلا أنه لا يصنف ضمن «فعل»، بل هو «ردة فعل»، فلنراجع الحوادث بعيون «فاحصة» سنجد أن ما جرى هو أشبه بردود الفعل على أخطاء بدأتها أطراف رسمية.
من جانب آخر، أثبتت «النيابة العامة» القدرة على ممارسة عملها بسرعة غريبة في تقديم الموقوفين إلى القضاء «العادل»! إلا أنها مازالت غير قادرة على شرح ملابسات الاعتداء المجهول على «موسى عبدعلي»! وهذا ما يجعل «الزاوية السياسية» التي تطرقت إليها «واقعية» أكثر مما أحتاج، وعليه، فإن «الإضرار بالاقتصاد الوطني» مجرد ادعاء لتشتيت المجتمع عن المشكلة الرئيسة، وهي: هل كان القضاء البحريني في قضية الموقوفين «سياسياً»؟!
الجمعيات السياسية المعارضة غير جادة في الدفاع عن هذه الفئة، و«حركة حق» مازالت تخاف من الشارع السياسي أكثر مما تثق به، والصحافة ترتجف أمام قبضة «تسييس الصحافة» أو «تطأفتها» - أي جعلها «طائفية»، وبين كل هذه «اللخبطة» يبقى «المعتقلون» ضحايا سياسة، ولا شيء غير السياسة. ولجلالة الملك كلمة؛ مازلنا ننتظرها
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1275 - الجمعة 03 مارس 2006م الموافق 02 صفر 1427هـ