في زيارة إلى مجمع السلمانية الطبي أمس (الأربعاء) استوقفتني ظاهرة الكمامات التي كان يتقنع بها عدد من موظفي الوزارة، في الصيدلية، وفي الطوارئ، وفي أقسام أخرى أيضا، وهو منظر مألوف نظرا لازدحام المشاهد التلفزيونية المماثلة ولكن ليس في البحرين، وإنما في المكسيك، أو أميركا، أو أسبانيا، أو غيرها من الدول التي يسرح ويمرح فيها فيروس انفلونزا الخنازير أو ما يسمى علميا بانفلونزا «h1n1».

جيدة هي الاحتياطات التي أخذت بها طواقم مجمع السلمانية الصحي، وكذلك بعض المراكز الأخرى مثل مركزي مدينة عيسى والصباح الصحيين، ولكنها رسمت علامة استفهام عريضة لدى المراجعين الذين لم يكونوا يعرفون مدى خطورة الوضع، وتساءلوا إذا كان الوضع بهذه الخطورة فلماذا لم تقم تلك المراكز بتزويد كل من يدخلها بهذه الكمامات؟! أم أن هذا الفيروس لا يجيد إلا استيطان أجسام من يعملون في الحقل الصحي؟!

الله أعلم ببواطن الأمور، فهل كان هناك قصور جلي في إحاطة الناس بما يجري في البحرين بشأن هذا المرض؟ ففي الوقت الذي لم يتلق فيه الناس تحذيرا واضحا أو حتى نصيحة بلبس هذه الكمامات التي يرتديها العاملون في الحقل الصحي، كان الصحيون يلبسونها بكثافة، ما يعني أن درجة التحذير التي تلقاها أولئك الموظفون كانت أعلى من درجة التحذير التي تلقاها عموم الناس، وهو ما يعني أن الجهات المعنية لم تستطع أن توفر ما يجب أن يتوافر للناس من معلومات تجعلهم يتعاطون مع الوضع بالدرجة التي تعاطا بها أبناء الحقل الصحي.

ليس من الحكمة الاستسهال بمرض انفلونزا الخنازير الذي يهدد العالم بوباء كارثي قاتل، ومطلوب من وزارة الصحة المزيد من الشفافية في إطلاع الناس على تفاصيل التفاصيل، ودقائق الأمور فيها حتى لا يحتاطون بالدرجة التي يحتاط فيها الآخرون من العارفين بدهاليز هذا المرض، وليس المطلوب هو إدخال الناس في أجواء الهلع والخوف، ولكن ليس المطلوب أيضا خداعهم، وخصوصا وأن تجربة العالم مع هذا المرض كانت قاسية جدا، فعندما ظهر في العام 1918 من القرن الماضي أصاب مليار إنسان، أي نصف سكان الأرض، وقضى على ما يفوق محصلة أي وباء على الإطلاق، بما في ذلك الطاعون الذي أطلق عليه الموت الأسود في العصور الوسطى، وبعد ذلك كله أليس من الأهمية القصوى أن نعرف هل نطمئن أم نخاف؟!