إن المتتبع الى تاريخ فن الكاريكاتير في العالم منذ قديم الزمان والذي يصل الى حقبة «الفرعونيون» عندما كانوا يستخدمون هذا الفن في الرسم على جدران الاهرامات، ليستغرب من أن هذا الفن مبني أصلا على التجديد والتغيير والخروج عن كل ما هو مألوف أصلا بشتى الطرق، بأن لا تكون هناك مدارس وثوابت مُعينة يتم تدريسها والالتزام بها بقدر ما يتوجب على كل رسام أن يبني هو عالمه الكاريكاتيري ومدرسته الخاصة في هذا العالم.
فسر جمال هذا النوع من الفن يكمن في تميز كل فنان بمدرسته الخاصة التي ألّفها ووضع معايرها وُفقا لمقتضيات المكان والزمان الذي يعيشه الفنان، فكلما زادت مساحات الحرية بأنواعها المختلفة والصحافية تحديداً زاد التميز وإبداع الفنان فيه... فوجه المقارنة نراه جليا في المدرسة المصرية والهندية التي تبيح لرسام الكاريكاتير التعرض بالرسم المباشر وبالاسم الى أكبر الشخصيات السياسية والاجتماعية في بلدانهم، في الوقت الذي نفتقد أو إننا بالأحرى نتحسر نحن هنا في الخليج مثلا التعرض بالطريقة نفسها إلى أصغر موظف على كونتر أية وزارة أو إدارة خدماتية حكومية مثلا، إذ بإمكانه الاحتكام بقانون صحافة يسجن الصحافيين في النيابة العامة!
فكما للفنون التشكيلية مدارس يكمن جمالها في الالتزام بشروطها الصارمة، وكما هو الحال في فن الخط العربي الذي لا يسمح لك بتشويه أشكال الحروف على رغم الاريحية الكاملة في تطويع الحرف حفاظا على جماليات الخط وإلا أصبح كوكتيلا وليس لوحة خط... يظل فن الكاريكاتير فن السهل الممتنع، يتميز أكثر كلما خرج أكثر عن إطار المألوف بشكل معقول
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 1274 - الخميس 02 مارس 2006م الموافق 01 صفر 1427هـ