في الوقت الذي يعمل فيه اللوبي الجزائري المؤيد لفرنسا على حلحلة العقد أمام توقيع «معاهدة الصداقة والسلام» بين البلدين، والتي كان من المفترض أن توقع قبل نهاية 2005، وتفتح بالتالي الأبواب أمام كبريات الشركات الفرنسية لعقد الصفقات الاقتصادية والعسكرية، يأتي قرار الحكومة الجزائرية المعلن يوم الأحد الماضي والقاضي بإقفال 42 مدرسة خاصة فرانكوفونية بمثابة ضربة جديدة للمصالح الفرنسية. فإذا كانت بعض الأوساط الرسمية في باريس ترى أن الرئيس بوتفليقة خضع أخيراً لضغوطات المحافظين الذين يريدون رد الاعتبار إلى المدرسة العربية - الإسلامية وتعزيز أصالتها، فإن المراقبين في العاصمة (الجزائر) يفسّرون هذه الخطوة بطريقة مختلفة من خلال التركيز على خلفيات سياسية - استراتيجية أخرى. في هذا السياق، يرى هؤلاء أن البدء بتقليص نفوذ الفرانكوفونية بعد أقل من سنة على تهديد الرئيس بوتفليقة بذلك، إنما هو نابع من قرار أساسي تم التوافق عليه بين مختلف مراكز القرار في الجزائر، بما في ذلك مؤسسة الجيش لناحية تنويع تدريس اللغات، وإخراج الجزائر من تبعيتها التاريخية إلى اللغة الفرنسية. الدليل على ذلك، البدء بتوسيع مناهج تدريس اللغة الإنجليزية في المدارس الحكومية الخاصة، انطلاقاً من الصف الأول الثانوي. وتضيف بعض المصادر الجزائرية الحسنة الاطلاع، أن الولايات المتحدة الأميركية تنشط منذ أكثر من عام ونصف العام عبر سفيرها، كذلك بعثات المؤسسات التعليمية الأميركية من أجل تعزيز وضعية اللغة الإنجليزية، الأمر الذي لا يمكن إلا أن يكون على حساب الفرانكوفونية. وبناء عليه، فقد خصصت واشنطن المساعدات اللازمة من خلال تقديم منح دراسية إلى الجهاز التعليمي الجزائري، كذلك تجهيز المدارس في جميع أنحاء البلاد بالكتب المدرسية وبإدارات حديثة بما فيها الحاسوبات. من ناحيتها، وضمن التوجه نفسه، تقوم شركات النفط والغاز الأميركية الموجودة بكثافة في مناطق التنقيب والإنتاج بالمساعدة على إنشاء المدارس، إذ تحتل اللغة الإنجليزية المركز الثاني بعد العربية.
وتخشى فرنسا، على ما يبدو، من أن ترخص الجزائر لإنشاء جامعة تدرس غالبية موادها باللغة الإنجليزية عبر التواصل بالأقمار الاصطناعية مع جامعات أميركية، كما هو الحال مع «جامعة الأخوين» في المغرب.
العدد 1274 - الخميس 02 مارس 2006م الموافق 01 صفر 1427هـ