من مسقط إلى دبي ومنها إلى جدة ستحتضن هذه المدن ملتقيات وورش عمل تناقش قضية في غاية الأهمية، تلك هي قضية الشركات العائلية، وبحسب ما جاء في مطويات ترويج تلك الفعاليات ستتناول تلك اللقاءات مسائل ذات علاقة مباشرة بتطوير أداء وفعاليات تلك المؤسسات العائلية التي مضى على البعض منها ما يربو على قرن من الزمان، لكنها ستعرج على موضوعات مثل إمكانات وعقبات إدراج الشركات العائلية في الأسواق المالية.
ومن الصعب التوصل إلى تعريف محدد ثابت للشركات العائلية، لكن يمكن الحديث عن بعض المفاهيم التي تحدد هويتها. فهناك من يراها، تلك الشركات التي تملكها وتديرها عائلة. والبعض يحددها بالمنشأة التي تسيطر فيها عائلة واحدة على القوة التصويتية، ويركز على أهمية القرارات الاستراتيجية بالمؤسسة أو الشركة ومن يتخذها، مثل تعيين المدير التنفيذي الجديد والتوجهات العامة للشركة.
وعلى المستوى القانوني لا يوجد لها تصنيف ضمن التصنيف القانوني لأنواع الشركات، لكن هناك من يحصر تصنيفها القانوني في عدة مسميات، فهي إما ذات مسئولية محدودة أو تضامنية أو توصية بسيطة أو توصية بالأسهم أو فردية يقتصر الانتفاع منها على أبناء العائلة وحدهم، ولهم السلطة المطلقة في إدارتها.
وتشكل الشركات العائلية النسبة الكبرى من إجمالي الشركات العاملة في الاقتصاد. أما في دول الاتحاد الأوروبي تتراوح نسبة الشركات العائلية ما بين 70 - 95 في المئة من إجمالي الشركات العاملة فيها، وتساهم هذه الشركات بما نسبته 70 في المئة من الناتج القومي. أما في الولايات المتحدة، يبلغ عدد الشركات العائلية المسجلة في أميركا نحو 20 مليون منشأة وتمثل 49 في المئة من الناتج القومي وتوظف 59 في المئة من العمالة وتستحدث حوالي 78 في المئة من فرص العمل الجديدة.
ويشار إلى أن الشركات العائلية ليست كما يحاول البعض أن يصورها على أنها ظاهرة خليجية مصدرها الجذور القبلية للبيوت التجارية الخليجية. يؤكد ذلك مجموعة من التقارير والمسوحات السوقية التي قامت بها مؤسسة أميركية هي مجلة الأعمال العائلية (Family Business magazine) ونشرتها على موقعها على الإنترنت. ومما جاء في تلك التقارير أن المجلة المذكورة عندما قامت بجمع معلومات مكثفة عن أكبر 250 شركة عائلية عالمية توصلت إلى مجموعة من النتائج نورد أدناه أبرز ما جاء فيها من معلومات.
أن أيا من تلك الشركات التي وردت أسماؤها في القائمة لا يقل دخلها السنوي عن 1,2 مليار دولار أميركي. تتوزع على 28 دولة وأن معظمها تسيطر على مقدرات واتجاهات اقتصادات بلدانها. لكن الغالبية الساحقة منها يتجاوز نفوذها وتأثيراتها حدود بلدانها الأم. وهي، أي تلك الشركات، تشكل بكل المقاييس كتلة لا يستهان بها في الاقتصاد العالمي.
وتحظى الشركات الأميركية بحصة الأسد في تلك القائمة، فمن بين الـ 250 شركة عالمية، هناك ما لايقل عن 130 شركة من أصل أميركي، يليها فرنسا وتبلغ حصتها 17 شركة فألمانيا تبلغ حصتها 16 شركة. وعندما نمعن أكثر في القائمة سنكتشف أن الـ 25 شركة التي تتصدر القائمة تعود أصولها إلى 9 دول فقط. وبخلاف ما يتصوره البعض فإن كوريا وهي الدولة المعروف عن تسلط الشركات العائلية على اقتصادها لاتتجاوز حصتها 3 شركات بين أسماء القائمة. لكن هذه الشركات الثلاث تحتل مواقعها المتقدمة بين أول 11 شركة تتصدر تلك القائمة.
ولكي نعطي القارئ فكرة عن طبيعة تلك الشركات نورد نبذا موجزة عن أول ست فيها:
1 مخازن وول مارت الأميركية (Wal-Mart Stores) وتملكها عائلة والتون بينتونفيل (Walton/Bentonville) تأسست في العام 1962 ويقدر دخلها السنوي بنحو 244,5 مليار دولار وعدد العاملين فيها نحو 1,4 مليون موظف.
2 شركة فورد للسيارات الأميركي(Ford Motor Co.) تملكـــــها عائلة فورد ديبورن (Ford/Dearborn) تأسست في العام 1903 يقدر دخلها السنوي بما يربو على 163,4 مليار دولار ويصل عدد العاملين فيها إلى نحو 350,321 عاملاً.
3 شركة سامسونج (Samsung) الكورية وتملكها عائلة لي )جمم(. منتجاتها متنوعة بما فيها الأجهزة والمعدات الإلكترونية. تأسست في العام 1938، يصل دخلها السنوي إلى نحو 98,7 مليار دولار وعدد العاملين فيها إلى نحو 175,000 عامل.
4 مجموعة إل جي (LG Group) الكورية وتملكها كوو (Koo) ومنتجاتها متنوعة هي الأخرى، ويصل دخلها السنوي إلى ما يربو على 81 مليار دولار أميركي. ويعمل فيها نحو 130,000 عامل.
5 مجموعة كارفور (Carrefour Group) تملكها عائلة ديفوري ومجال عملها البيع بالتجزئة. يصل دخلها السنوي إلى ما يربو على 72 مليار دولار أميركي، ويصل عدد العاملين فيها إلى نحو 397,000 عامل وتعتبر من أكبر الشركات الأوروبية العاملة في مجال البقالات ومخازن الأغذية.
6 مجموعة فيات (Fiat Group) وتملكها عائلة أجنيللي الإيطالية وينحصر نطاق عملها أساسا في صناعة السيارات، ويبلغ دخلها السنوي ما يربو على 61 مليار دولار أميركي ويصل عدد العاملين فيها إلى نحو 187,000 عامل.
كان ذلك التصنيف من حيث الحجم المالي والتأثير الاقتصادي أما على صعيد العمر الزمني لهذه الشركات فإن أقدم تلك الشركات هي شركة كونغو غومي )ثَُهُ اٍِّى( وهي من أصل ياباني تأسست في العام 578 م في مدينة أوساكا وتنشط في مجال المقاولات والإنشاءات.
وتعود أصولها عندما استدعى الأمير شوتوكو بعض أفراد عائلة كونغو إلى اليابان من كوريا قبل نحو 1400 سنة لبناء معبد بوذي لايزال قائما حتى الآن.
تليها في القدم شركة هوشي مايوكان (Hoshi Ryokan) وهي الأخرى يابانية الأصل ويعود عمرها إلى العام 718 وبحسب الرواية الأسطورية فإن سبب تأسيس تلك الشركة يعود إلى زيارة إله جبل هاكسون إلى كاهن بوذي طالبا منه الكشف عن ينبوع ماء ساخن في إحدى القرى المجاورة. وقد تم اكتشاف ذلك الينبوع. تطول الحكاية لكن النهاية تأسيس شركة تدير الفنادق حاليا.
كان ذلك حال الشركات العالمية، لكن عودة إلى الشركات العربية لابد لنا قبل التطرق إلى ذلك الموضوع في الحلقة المقبلة أن نشد انتباه القارئ إلى دبي، لنتحدث عن ملتقى الشركات العائلية الذي ينعقد في تلك المدينة في 24 أبريل/ نيسان المقبل والذي يعقده مركز دبي للتحكيم الدولي بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة دبي، والذي يطمح بحسب تصريحات المسئولين إلى تسليط الضوء على الدور الكبير الذي تلعبه الشركات العائلية في إرساء دعائم الاقتصاد الوطني وتنشيط الحركة التجارية وتشجيع الاستثمار إذ تمثل تلك الشركات عصب الاقتصاد الوطني وأساس البنية التحتية للتجارة.
وعن هذا الموضوع يقول مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي، عبدالرحمن غانم المطيوعي في موتمر صحافي عقد في منتصف الشهر الماضي للاعلان عن الملتقى ان الشركات العائلية تساهم بنسبة تقارب 92 في المئة من مجموع دخول القطاع الخاص بدولة الامارات العربية المتحدة إذ تتوافر لدى غرفة تجارة وصناعة دبي إحصاءات تشير الى وجود 56 ألفا و374 شركة عاملة في دبي منها 30 ألفا و769 شركة عائلية.
واضاف المطيوعي ان الملتقى سيناقش واقع هذه الشركات والتحديات والاخطار التى تواجهها في ظل العولمة الاقتصادية وتحرير الأسواق ومنافسة الشركات الأجنبية. ما هو واقع الشركات العائلية العربية وحجمها والتحديات التي تواجهها؟ ذلك ما سنتناوله في الحلقة المقبل
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1274 - الخميس 02 مارس 2006م الموافق 01 صفر 1427هـ