بعد المكرمة الملكية بشأن إسقاط نصف قيمة قروض الاستبدال عن العسكريين العاملين في الوزارات العسكرية في مملكة البحرين، كتبت مقالات عدة في هذا العمود... وكلها كانت تتمحور حول مناداة قيادتنا الحكيمة بتوسيع نطاق المكرمة لتشمل أيضاً المتقاعدين الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة.
مجلس النواب ومع جزيل الشكر... تبنى هذه القضية المهمة جداً لشريحة كبيرة من المواطنين الذين خدموا المملكة لفترات طويلة... وتفانوا في خدمة الوطن والمحافظة على مكتسباته المحلية والإقليمية والدولية، ثم تقاعدوا عن العمل.
هذا الاقتراح برغبة الذي وافق عليه مجلس النواب ورفعه إلى الحكومة، نتمنى أن يتم اعتماده إن شاء الله وفي أسرع وقت ممكن، حتى تساهم حكومتنا الرشيدة في رفع ثقل المعاناة عن الكثير من الأسر البحرينية التي تعاني من وطأة الديون وضيق ذات اليد وقلة الحيلة.
المدير العام لصندوق التقاعد يقول إن الصندوق سيخسر مبلغ 41 مليون دينار إذا وافقت الحكومة على المقترح المقدم من مجلس النواب وأجبرت المسئولين عن الصندوق بتطبيق خصم نصف القيمة الإجمالية لقروض الاستبدال... وأنا بودي ألا تستمع الحكومة لهذا الرد السريع من قبل المدير العام لأنه غير واقعي... وهي أرقام في خيال صندوق التقاعد فقط، وغير موجودة على أرض الواقع.
صندوق التقاعد يتمنى أن يحصل على هذا المبلغ الكبير من المواطنين المشاركين فيه بأموال اشتراكاتهم الشهرية عندما كانوا موظفين... وبعد أن اضطرتهم الحاجة إلى الاقتراض من قيمة استحقاقاتهم فرض عليهم الصندوق فوائد تساوي قيمة القرض تقريباً... وإذا وافقت الحكومة على إلغاء نصف قيمة قروض الاستبدال، فإن المبلغ الذي يفترض إلغاؤه عن المقترض هو فقط قيمة الفائدة التي حسبها الصندوق... بما يعني أن صندوق التقاعد سيسترجع قيمة القرض كاملة... فمن أين أتت خسارة الملايين؟
الموظف البحريني الذي عمل في بلاده لمدة طويلة... بين العشرين والثلاثين عاماً... ويدفع اشتراكاً شهرياً لصندوق التقاعد... يأمل أن يستفيد من هذه الأموال بعد إحالته إلى التقاعد... لا أن يقترضها ويعيدها مضاعفة... ولا أن يستغلها المسئولون في الصندوق للصرف على تأثيث مكاتبهم الفخمة... ولا أن يستغلها في شراء سنوات عمل كثيرة لبعض الموظفين في الصندوق والذين سيحالون إلى التقاعد... ولا أن يستغلها في صرف الرواتب الخيالية مع العلاوات التي ليس لها أول ولا آخر للموظفين العاملين فيه.
لو كان الموظف البحريني فاتحاً له برادة صغيرة... أو بقالة... في قسم من منزله... منذ أول يوم توظف فيه... ويصرف عليها فقط بقيمة اشتراكه الشهري الذي يدفعه إلى صندوق التقاعد... ولا يفتحها إلا بعد ساعات الدوام... لأصبحت هذه البرادة في يوم تقاعده عن العمل في حجم أكبر الأسواق في البحرين... ولأصبحت قيمتها المالية أعلى بكثير من قيمة أمواله الموجودة في صندوق التقاعد... فما بالك بأموال طائلة يجمعها الصندوق منذ سنوات طويلة، ومضاف إليها أموال تأتي على هيئة مساعدات من الحكومة.
هذا هو السؤال الصحيح... أين ذهبت هذه الأموال؟... وكيف استثمرت؟... وأين استثمرت؟... هذه هي أموالنا، وأنتم فقط مشرفون عليها، ونحن ندفع إليكم رواتب مجزية من أجل استثمارها وتنميتها، وليس من أجل إقراضنا منها واحتساب فوائد خيالية تضاف إلى المبلغ الأصلي حتى يتم كسر ظهورنا بالأقساط العالية التي تمتد حتى 15 سنة، ثم وعندما يأتي مجلس النواب ويصوت بالإيجاب على المقترح القاضي بإسقاط قيمة نصف القروض (التي هي أساساً فوائد ربوية) عن المتقاعدين المساكين، يصرح مدير عام الصندوق بأن الخسارة ستكون 41 مليون دينار.
حكومة مملكة البحرين مشكورة... وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله... لن تبخل على أبنائها المتقاعدين مثلما هي لم تبخل على الأبناء الذين مازالوا يعملون... والبحرين بالأصل هي بلد غني وبه أموال والحمدلله... ولن تنقص أمواله إذا ألغيت نصف القروض عن الفقراء والمحتاجين... أو عن المتقاعدين.
لذلك، نحن هنا نتقدم برجاء خاص إلى مجلس الوزراء لسرعة البت في الاقتراح برغبة المقدم إليه من مجلس النواب... ونطلب منهم الموافقة على هذا المقترح حتى تعم المكرمة الملكية وتشمل الكثير من العائلات البحرينية المحتاجة إلى كل دينار.
وأخيراً... شكراً لمجلس النواب... على الأقل طلعت له فايدة في آخر أيامه
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1273 - الأربعاء 01 مارس 2006م الموافق 30 محرم 1427هـ