يرى الفيلسوف البريطاني برتراند راسل، صاحب كتاب «السلطان» أن أفضل طريقة لتربية الأطفال هي عرض الأفكار المتناقضة لأبعد الحدود أمامهم، وكي يكتشفوا مساحة الاختلاف بين الأفكار هذه سيسمعون الفكرة المتطرفة ونقيضها في الوقت ذاته كي لا يقعوا تحت أسر سجن فكرة واحدة.
كمجتمع أقر واعترف أننا تربينا في بيئة مليئة بنكات السخرية التى تنال من المرأة، ودائماً ما يسكب في رؤوسنا أنها ناقصة عقل ودين، وعاطفية وغبية، وهي أضعف ما تكون حتى لقيادة السيارة مع ان الإحصاءات تقول: إن الرجال أكثر حوادث من النساء، والحروب على مر التاريخ ذكورية وبين يديك شارون وهتلر وصدام وستالين وفرعون وفي المقابل روزا باركس والراهبة تريزا وملكة سبأ.
أعتقد أن التيار الإسلامي في البحرين - بشتى أطيافه -سيقع في إشكال كبير إن لم يدعم دخول المرأة البحرينية المؤهلة للبرلمان. وينبغي على الصحافة والجمعيات النسوية أن تخطف آراء كل الشخصيات الدينية في البلد عن موقفهم الصريح من دخول المرأة للبرلمان حتى يتم وضع النقاط على الحروف.
فقهياً، لا يوجد أي مانع في ذلك وفق الضوابط الإسلامية. وكنت قد كتبت بحثاً مطولاً سأضعه على السايت الخاص، وضعت فيه آراء الفقهاء بشتى أطيافهم في موضوع مشاركة المرأة في البرلمان، وركزت على قول شمس الدين ومحمد الغزالي والقرضاوي وفضل الله والغنوشي وعدد من الفقهاء. وقمت بمناقشة بقية الآراء الرافضة من قبل مصطفى السباعي في كتابه «المرأة بين الفقه والقانون»، والشيخ أبو الأعلى المودودي والشيخ عبدالمجيد الزنداني في كتابه «المرأة وحقوقها السياسية في الإسلام»، مؤسسة الريان. أتمنى من النساء اللاتي يردن أن يرشحن أنفسهن قراءة الكتاب القيم للداعية المتنور الشيخ محمد الغزالي «قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة»، دار الشروق. المرأة البحرينية إن لم تدافع عن نفسها فلن يدافع عنها أحد وستصبح مجرد اكسسوار تجميلي للديكورات السياسية وقطع من التماثيل لتجميل الأثاث السياسي والاجتماعي.
من يسأل عن النساء اللاتي يطردن من بيوتهن؟ من يسأل عن المرأة البحرينية التى يضغط عليها الزوج للابتزاز كي تلجأ إلى الخلع فتدفع كل الأموال له وهو يعلم أنه يظلمها بذلك؟ المرأة البحرينية يجب أن تكون شرسة في مطالبتها بحقوقها القانونية والدستورية والسياسية. الكل يفكر في مصالحه إلا هي. يجب اقتطاع جزء من موازنة الإسكان لتخصيص بيوت للأرامل والمطلقات ويجب فتح صندوق اجتماعي للنفقة. هناك العشرات من البحرينيات المطلقات على أرصفة الطريق بلا مأوى ولا مستقبل. على الحكومة أن تدفع باتجاه الضغط القانوني واعتماد سياسة التحالفات لإيصال نساء كفؤات للمجلس النيابي. ما فعلته دولة الكويت بإلقاء كل الخطب المتخلفة التى كانت تقف دون أخذ المرأة لحقوقها السياسية من دون السماع إليها هو الموقف الأصوب.
المرأة منحت حق التصويت في بريطانيا العام 1912 والآن في الكويت للتو أخذت حقها.
نريد نساء شرسات في الدفاع عن حقوقهن الشرعية والمدنية على طريقة روزاباركس الأميركية السوداء التى وقفت في الباص العام 1955 موقفاً بطولياً إلى أن تم إلغاء القانون العنصري ضد السود. إلى الآن حقوق المرأة مغيبة. هل تعلمون أنه في العام 1899 سمحت ألمانيا للبنات بدخول كلية الطب، ونحن إلى الآن نناقش حقها في سواقة السيارة! يجب أن نلتزم بالأطر الإسلامية، لكن الأطر البشرية المتطرفة لا مكان لها في هذا العصر، مكانها الكهوف.
يقول المفكر الإسلامي خالص جلبي في كتابه «مالا نعلّمه لأولادنا»: «حدث أن أحد المتشددين هجموا على رئيس بلدية يطلبون منه نفي القرود من البلدة، وكان الرجل قد وضعها تسلية للناس بجانب شلال مائي». قال أحد المتعصبين: إن القرود تمارس الجنس علانية. بهذا الرأي قد نضطر - مستقبلاً - إلى إلغاء حديقة الحيوان بحجة «الجنس العلني». انطلاقاً من قاعدة «سد الذرائع» التي ينتقد المبالغة فيها القرضاوي قائلاً: «المبالغة في سد الذرائع كالمبالغة في فتحها». الوسطية هي الأنسب للبشرية «وكذلك جعلناكم أمة وسطاً» (البقرة: 143). لا للتغريب وأيضاً لا للتطرف والتزمت. أولئك أمة شددوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم. الإسلام دين الاعتدال «فسنيسّره لليسرى» (الليل: 7).
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1273 - الأربعاء 01 مارس 2006م الموافق 30 محرم 1427هـ