العدد 1273 - الأربعاء 01 مارس 2006م الموافق 30 محرم 1427هـ

الإمبراطورية الأميركية «تعويذة الساحر»

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

«اللغة» لا تعطينا مفردات كافية، تساعدنا في توصيف ما يحدث حولنا في هذا العالم، ولا تنقصنا الصورة عن تصور ما نريد كتابته. الصورة هي أكثر مما نريد أو نحتاج، ثمة في داخل كل واحد منا تحليل ثابت لما يجري حولنا من فوضى ومشكلات. إلا أن أفصح الكلام في هذا العالم المجنون لعله «التلعثم»!.

عالم أشبه بالفوضى، تقوده إمبراطورية الخير/ الشر الأميركية، هؤلاء الاميركيون لا يجعلون الأمور سهلة الفهم، هم تحديداً، لا يسلكون سلوكاً إمبراطورياً تقليدياً فتبدأ بإحتلال العالم كله فتكون الأمور واضحة، ولا هم بعيدون عن أية منطقة من مناطق الفوضى، يمتلك الأميركيون أيادي سحرية تعبث بكل شيء.

العالم اليوم، هو عالم أشبه بالسحر والشعوذة، عالم من اللامعقولات. عالم تترأسه جمهورية تحتضن إكليلاً من المعتقدات والنظريات التي تصدر الطمأنينة للعالم، فهي جمهورية حرية، وعلم، ومعرفة، وسلام، وعدالة. بينما هذه الجمهورية جيوشها من أرض لأخرى، تعبث فيها كما تشاء أو تستطيع، إلا أنها لا تسلك سلوك الغزاة البرابرة، هي لا تبقى في قواعدها لتسوق الناس كالعبيد كما تفعل إمبراطوريات التاريخ العريقة.

لأي «حرب» تصنعها إمبراطوريتنا هنا أو هناك، تأويلان، الأول: سياسي محظ، يلقي بتأويله لحوادث التاريخ، والاعتماد على التاريخ خداع يتقنه الساسة، فالكروات والصرب، والسنة والشيعة، أعداء منذ أبد التاريخ. أما التأويل النخبوي الثقافي، فينزاح إلى ذلك المزيج من التركيبات النفسية المتداخلة والمعقدة، فيرمي بتأويله إلى العقد النفسية، وقهر الطفولة. يكون عندها «صدام حسين» و«ميلسوفيتش» و«ملا عمر» مجرد مرضى نفسيين. وتعمد النخب إلى الاشتغال بأدوات سيسيولوجية تاريخية نحو الوصول لاستنتاجات أكثر إقناعاً وواقعية.

هذه «الحروب الجديدة»، لها نشأتها الجديدة، وفكرتها الجديدة، وحكمتها الجديدة، وأسبابها الجديدة. هي لا تدعو بشكل رسمي لارتكاب المذابح، أو احتلال البلدان، أو تكسير بناها التحتية على من هم فوقها، لكنها تقوم بكل ذلك ببساطة، وهي تستطيع ان تقنع الجميع بأنها «الراعي الأول للسلام والحرية والتقدم وحقوق الإنسان». هذه الفوضى الكونية تعتمد على فلسفة مركزية في الثقافة السياسية الأميركية، مفاد هذه الفلسفة رسالة بالغة الدقة «على الجميع أن يلتزم بما نقوله عن الحرية والديمقراطية والانتخابات والسلام والعدالة الاجتماعية، لكن، على الجميع أيضاً أن لا يهتم بمراقبة ما نفعل، إن كان مماثلاً لما نقول، أم لا»!.

إن العقول التي أنتجت هذه المشكلات والفوضى غير قادرة في المطلق أن تنتج الحلول، وطالما أن التحليلات الأمبريقية كانت ومازالت تراوح «الخيال» لا الحقيقة، فإن قليلاً من «العبث» و«السحر» و«الروحانيات» تجدي.

جمهورية الخوف والفوضى لم تنتهج يوماً ما سلوكاً تاريخياً كلاسيكياً، فلماذا نعتقد أنها ستخضع في نهاياتها للسيناريوهات الكلاسيكية ذاتها، وإن كانت الرأسمالية الغربية في أوان أفولها التاريخي، فالولايات المتحدة الأميركية ليست توهج «رأسمالية» فقط، هي ذلك المركب المعقد، ولعل حفنة من تجارب الانشطار النووي «الاجتماعي» تجدي. ولعله لا يجدي شيء... سوى تعويذة ساحر بارع.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1273 - الأربعاء 01 مارس 2006م الموافق 30 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً