العدد 1273 - الأربعاء 01 مارس 2006م الموافق 30 محرم 1427هـ

«الرحيل» إصدار جديد لابن جلون

الرباط - المصطفى العسري 

تحديث: 12 مايو 2017

على هامش فعاليات معرض الدار البيضاء الدولي للنشر والكتاب قدم الكاتب المغربي الطاهر بن جلون أخيراً روايته الجديدة «بارتير» عن منشورات «غاليمار»، إذ سلط الضوء داخل القاعة وأمام جمهور نوعي من مختلف المشارب والآفاق على الأسباب التي دفعته إلى كتابة هذا العمل الروائي الذي يعالج موضوعاً راهناً يتمثل في ظاهرة بدأت اليوم تثير أيضاً اهتمام المثقفين ألا وهي هجرة الشباب المغربي نحو أوروبا.

وقال الطاهر بن جلون - الفائز بجائزة غونكور الفرنسية العام 1987 - إن رواية «بارتير» «عمل يتناول الرغبة الملحة للشباب من أجل مغادرة هذه الأرض، التي لم تعد ترغب في أبنائها، والفرار بجلدهم مخاطرين بأرواحهم نحو المجهول».

ويحكي بن جلون من خلال روايته، محاولة الشباب حاملي الشواهد الذين لم يتمكنوا من إيجاد فرصة عمل، كيفما كان نوعها داخل القطاع العام أو القطاع الخاص «اكتساح» الضفة الأخرى من حوض المتوسط، إنه حقاً - يقول بن جلون - «وضع محزن ومؤلم لهؤلاء الشباب».

ولم يكن اختيار الطاهر بن جلون لمدينة طنجة التي شكلت منطلقاً لروايته اعتباطياً، لأن هذه المدينة تجسد موقعاً تاريخياً وجغرافياً للقاءات والتبادل الثقافي بين ضفتي حوض المتوسط.

ويحاول الطاهر بن جلون من خلال روايته أن يبرز أن «أوروبا قريبة جداً، والرغبة في اكتساحها أمر غاية في التجلي، وأن الشباب المغربي مهووس أكثر بأضواء الساحل الإسباني المتوهجة، التي تحيل في إشارة رمزية إلى فردوس الالدورادو المفقود».

وعلى هامش فعاليات معرض الدار البيضاء، قال بن جلون في تصريحات صحافية إنه لم يلمس في الكتابات التي اشتغلت على أعماله حتى اليوم ما يمكن وصفه بـ «عمل نقدي جدي»، معرباً عن استغرابه لـ «التحامل المجاني» على أعماله، من جانب النقاد المغاربة الذين يصرون على اعتباره «أجنبيا عن البلاد».

وأضاف السياق ذاته، أن الضجة التي أثيرت عن بعض أعماله، وخصوصاً بشأن كتابه «تلك العتمة الباهرة» العام 2001، عن معتقل تازمامارت كانت مجرد «تصفية حسابات شخصية».

وكان الكاتب حصل عن روايته هذه على جائزة «إيمباك» الأدبية لدبلن بأيرلندا، التي تعتبر واحدة من أهم الجوائز الأدبية في العالم، على رغم المنافسة القوية من عشرة كتاب آخرين، رشحوا للجائزة بينهم الروائي البريطاني وليام بويد عن «أي قلب»، والكاتب الأميريكي بول أوستر عن «كتاب الأوهام».

ومن جهة أخرى، أكد الروائي المغربي أن تهمة «العجائبية» و«المقاربة الفولكلورية» للمجتمع المغربي تنم عن جهل واضح بكتاباته وقناعاته الفكرية، مؤكداً أنه اشتغل على المجتمع المغربي بـ «الصراحة المطلوبة» ومن دون أية نية لتشويه الواقع، مشيراً إلى أن الفرنسيين يؤاخذونه على غياب المجتمع الفرنسي كموضوع لأعماله السردية، وفي أعماله القليلة التي اشتغل على بلد الاستقبال، انبرى الطاهر بن جلون لفضح بعض الظواهر السلبية مثل العنصرية من خلال روايتي «تفسير العنصرية لابنتي»، و«ضيافة فرنسية» التي رفضت بعض المكتبات توزيعها بالنظر لحمولتها الساخرة اللاذعة. وعن روايته الأخيرة «الرحيل» التي صدرت بداية هذا العام، التي رصد من خلالها ظاهرة الهجرة السرية، نبه الطاهر بن جلون إلى أنه اختار كعنوان للرواية، لفظا ذا شحنة دلالية قوية، تحيل إلى المأساة التي تحملها الهجرة.

ولخص رسالة هذا العمل السردي في أن «الهجرة ليست حلا لمشكلاتنا، بل فشلا لواقعنا»، فـعز العرب (بطل الرواية) لا يهجر أسرته ووطنه فقط، بل يهجر أيضاً قدره من أجل حياة ليست له.

وبخصوص سمة الواقعية في أعماله الأخيرة، شدد بن جلون على أن الأساس في أعماله الأدبية هو المتخيل، وما الواقع إلا عنصر مستفز لحواس الكاتب، ينطلق منه نحو التجريدية، «إن الكتابة ليست نسخة للواقع، بل تحويرا له».

وبالنسبة لبن جلون فـ «الأدب لا يحل مشكلات العالم، لكن غيابه يجعلها أكثر تعقيداً»، هكذا يلخص وظيفة الأدب اليوم، في ظل تعاظم المشكلات والتوترات والصدامات الأهلية والعالمية.

يذكر أن الطاهر بن جلون من مواليد مدينة فاس العام 1944، اشتغل العام 1968 استاذا للفلسفة، ثم هاجر العام 1971 إلى فرنسا لتحضير اطروحة السلك الثالث في الفلسفة تخصص علم النفس، وحصل العام 1975 على دبلوم في علم النفس الاجتماعي بشأن موضوع «المشكلات العاطفية والجنسية للعمال المنحدرين من شمال إفريقيا بفرنسا». وللكاتب إصدارات غزيرة، بين روايات ومجموعات قصصية من بينها «حرودة»، «طفل الرمال»، «ليلة القدر»، «غراميات ساحرة»، «مأوى الفقراء»، وله مجموعة من الأعمال الروائية من بينها على الخصوص «هوسبيتاليتي فرونسيز» و«أمور سورسير»





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً