في مدينة المحرق العريقة... وفي جنوب فريق بن هندي... وإلى الشمال من فريق المري... كان هناك منزل يسكنه شيخ التراث والفن الشعبي المرحوم محمد بن حربان... الذي أنشأ الدار المعروفة باسمه: دار بن حربان.
المرحوم محمد الحربان لم يرزقه الله بأية بنت، ولكن لديه خمسة أبناء وهم: جاسم، عبدالله، سعد، عيسى وخالد... وهم دائماً ما كانوا مع والدهم في الدار التي تقام فيها الفنون الشعبية... يساندونه ويتعلمون منه كل أسرار الطرب الشعبي القديم، ولذلك أطلق الناس على الأولاد اسم: حربان فايف... نسبة إلى الاسم الذي أطلق على الفرقة الأميركية: جاكسون فايف... التي كانت تضم خمسة أخوة من عائلة جاكسون... ويتقدمهم مايكل جاكسون.
الحربان فايف، إخوة كرام... ربّاهم والدهم المرحوم على احترام ومحبة ربهم، ووطنهم، وفنهم الذي اقتبسوه من التراث الشعبي القديم... وقد كانت لهم صولات وجولات في البرامج الرمضانية التي كان يعدها وينتجها تلفزيون البحرين عندما كان المرحوم طارق عبدالرحمن المؤيد وزيراً للإعلام.
البرامج التي كان الحربان فايف نجمها، هي: «البيت العود»، «ألعاب شعبية»، «ملفى الأياويد»، «فرجان لوّل» و«حزاوي الدار»... وهذه البرامج كانت مفخرة لجميع الفنانين البحرينيين المشاركين فيها، كما أن المخرج المبدع محمد يعقوب المقلة عانق فيها السماء بطريقته الإخراجية العجيبة... وغالبية المواطنين البحرينيين كانوا يتسمرون أمام التلفزيون في رمضان... وبعد الإفطار - فقط - لمشاهدة هذه المسلسلات الرائعة والتي مازالت في الذاكرة... ومن الصعب أن يفوّت الواحد منهم حلقة واحدة... الله يرحم طارق المؤيد ويرحم أيامه.
جاسم الحربان هو الأخ الأكبر... وهو الذي دائماً ما يكتب عن التراث الشعبي القديم... وله الكثير من الإصدارات في هذا الشأن... والمثل الدائم الذي يقتدي به لمواصلة سعيه في الحفاظ على التراث هو: «اللي ما له أول أكيد ماله تالي»... وعن سبب حبه للفن القديم وتفضيله على الجديد يقول: «عتيق الصوف ولا جديد البريسم».
الأخ الأصغر في الحربان فايف هو خالد... وهو يعمل في وزارة الداخلية... خالد الحربان هو رياضي شامل والرياضة تجري في عروقه مثلما يجري الفن أيضاً الذي غرس بذوره المرحوم والده... كان لاعب كرة قدم في نادي القادسية قبل أن يندمج مع نادي الوحدة... وبعد أن اعتزل اللعب توجه إلى التدريب... وتدريب من؟... منتخب الآنسات.
تدريب كرة القدم بحد ذاته مهنة شاقة... وخصوصاً في البحرين... لأن غالبية اللاعبين (إن لم يكن كلهم) هم شباب هواة... يعني على كيفهم... يوم يحضرون ويوم آخر لا يحضرون... والأعذار دائماً موجودة... مرة يسمعون الكلام ومرة أخرى لا يسمعونه... ولا يقدر المدرب على إلزامهم بشيء لأنهم هواة ومن الممكن أن يتملكهم الزعل فينقطعوا عن التدريب... وأفضل حل هو امتلاكهم بالطيب والحسنى.
هذا عن همِّ تدريب اللاعبين الشباب... فما بالك عن هموم تدريب الشابات كرة القدم (شيء ما له عدال)...الدمعة دايماً على العين... والصيحة ما في أسهل منها... والصرخة لين ضيعت الكرة تشق عنان السماء، واللي يسمعها يعتقد فيه حريقة أو زلزال... والفرحة واليباب لين سجلوا هدف في مرمي الخصم، كأنك في حفل زواج... والحسرة والصياح لين تسجل عليهم هدف، كأنك في مأتم عزاء... والزعل، آه من الزعل، ولا فيه شيء ممكن يراضي اللاعبات الزعلانات.
كل هذا يتحمله خالد الحربان بسعة صدر... ولذلك هو يعتبر بالنسبة إليّ بطلاً قومياً ويجب تكريمه، فقط لقبوله تدريبه منتخب الآنسات لكرة القدم... وإذا أضفنا إلى كل ما ذكرناه من أنه تمكن من تكوين فريق قوي ومتجانس ولديه الكثير من الفاعلية الهجومية والدفاعية التي مكّنته من إحراز كأس البطولة العربية المقامة في أبوظبي... فهذا يعني أن التكريم لهذا المدرب لابد أن يكون بمستوى العطاء نفسه الذي قدمه.
طبعاً نحن هنا لا نشير إلى المدرب فقط... لأن الفريق الذي أحرز البطولة الأخيرة يتكون من لاعبات محترمات لعباً وفناً وخُلقاً... ولم يتمكن من إحراز كأس البطولة إلا بسبب مهارتهن المتطورة ولياقتهن البدنية العالية... وقوة اللاعبات الموجودات على دكة الاحتياط... وحسن تدبير العقلية الإدارية المتمثلة في رئاسة الوفد... وأنا هنا أقدم تهنئة خالصة، ومن كل قلبي، إلى جميع أفراد وفد فريقنا الفائز بالبطولة العربية للآنسات في كرة القد
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1272 - الثلثاء 28 فبراير 2006م الموافق 29 محرم 1427هـ