يعيش البلديون في وضع مربك مع إشكال التجاوزات التي طالت الأراضي والمال العام بدءاً بالشواطئ التي تحولت إلى أملاك خاصة والأراضي العامة التي أدخلت في حسابات بعض المتنفذين من غير وجه حق.

ويبدو أن القوانين التي تملأ الرفوف لم تغفل أي نوع من أنواع التجاوزات التي نتحدث عنها، فالقوانين أقرت ومنعت استملاك السواحل العامة ودفنها، وأقرت عدم المساس بالأراضي العامة، وأقرت وأقرت... لكن المشكلة الأساسية هي في تنفيذ هذه القوانين، فلدينا رزم لا تحصى ولا تعد من القوانين، وفي المقابل فإننا لا نملك الجهاز القادر على تنفيذ هذه القوانين.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى هناك خلل واضح، فمن الخطأ أن تقوم الجهة المنفذة باستصدار القوانين، ومن الخطأ أن تقوم الجهة المراقبة أو المشرعة بتنفيذ هذه القوانين، وكما يقول أبو الثورة الفرنسية وصاحب كتاب «العقد الاجتماعي» جان جاك رسو: «لا ينبغي لمن يسيطر على الناس أن يسيطر على القوانين، لأنه لا ينبغي لمن يسيطر على القوانين أن يسيطر على الناس، إلا كانت قوانينه لخدمة أهوائه فلم تؤد في الغالب إلا إلى دوام مظالمه».

وإذا ما طبقنا هذا المثال على التجربة البلدية، فإننا نقول إنه لا يجب أن يقوم الجهاز التنفيذي باستصدار القوانين، كما لا يجب على المجلس البلدي أن يقوم بدور المنفذ، ولكن هذه المعادلة نراها تتحقق في كثير من الأحيان، ولعل هذا الإشكال أوقعنا في إشكالات كبيرة ألقت بظلالها على التجربة البلدية وزادتها تعقيداً.

نحن بحاجة إلى رؤية واضحة بشأن القوانين التي تصدر، وإننا نستغرب عندما نقرأ القوانين التي صدرت بحق خليج توبلي وحمايته واعتباره محمية طبيعية، في الوقت الذي جال المتنفذون في كل بقعة من الخليج وحولوها إلى أملاك خاصة، حتى أن سواحله المطلة على البحر استملكت وهو ما ينافيه القانون والأعراف الدولية!

ولذلك تأتي الأسئلة: ما فائدة القوانين التي لا تستطيع حماية المال العام؟ هل وضعت لتكون مظلة تتستر وراءها الجهات الرسمية حين تنوي التجاوز؟ أم أنها وضعت لتكون شعاراً براقاً نتباهى به ليقال إن البحرين دولة ديمقراطية يحميها القانون؟