منذ عدة أسابيع، أصبح الرئيس اليمني على عبدالله صالح حريصاً على المشاركة في مظاهرات يوم الجمعة المؤيدة له، حيث يلقي خطبةً أسبوعيةً تتناول آخر التطورات السياسية.
في الخطب السابقة، كان الرئيس يبادر إلى بعض المناورات لامتصاص الوقت وتأجيل التغيير. الأسبوع الماضي نبّه اليمنيات إلى أن الاختلاط حرامٌ ومحرّم، ما أثار زوبعةً من الانتقادات والغضب في الشارع اليمني، وخصوصاً بين النساء اللائي حرصن على المشاركة بأعدادٍ أكبر في المظاهرات اللاحقة.
هذا الأسبوع، ألقى الرئيس خطبةً أمام حشدٍ من مؤيديه، وصف فيها معارضيه بـ «العناصر المتهالكة» و»المنشقين»، و»المارقين» و»الجبناء». وأعلن أنه صامدٌ في موقعه، وسوف يواجه التحدي بتحدٍ آخر، لكن دون إراقة دماءٍ هذه المرة! ولم ينس أن يشيد بالنساء اللائي التحقن بالمظاهرات المؤيّدة له، رغم اختلاطهن بالرجال، وهو أمرٌ أفتى بحرمته قبل أسبوع واعتبره مما لا يقبله شرعٌ ولا دين!
الرئيس كرّر مواقفه السابقة من التمسّك بالشرعية الدستورية التي يمثلها، مع ترحيبه بالمبادرات الخارجية التي يمكن أن تؤمّن له تأخيراً في تسليم السلطة، مع ضمان عدم التعرّض للمحاكمة، وتوفير خروج آمن ومشرّف له من السلطة. وهي نقطةٌ اعتبرها محمّد المسفر خطةً لإنقاذ صالح وإفلاته من المحاسبة والمحاكمة على ما ارتكب بحق الشعب اليمني.
المراقبون يقولون إن الحشود المؤيدة للرئيس كانت أكثر عدداً قبل أسبوعين وبدأت تتناقص الآن، بينما حشود المعارضين أخذت تزداد ويزداد غضبها منذ الأسبوع الماضي، وخصوصاً بعد فتواه بتحريم الاختلاط. وفيما أسماها اليمنيون «جمعة الفرصة الأخيرة»، انطلقت مسيرات في ست عشرة مدينة تطالب برحيل الرئيس فوراً، دون مماطلةٍ أو تسويف.
هذه المسيرات الحاشدة، تزامنت مع إعلان عصيان مدني، أصرّ النظام على فشله، بينما أكّدت المعارضة على نجاحه بنسبةٍ كبيرةٍ في مدن الشمال مثل صنعاء وتعز والحُدَيدَة، وبنسبةٍ أكبر في مدن الجنوب مثل عدن ولحج والضالع. وقدّرت وكالة «رويترز» نسبة الإغلاق بـ 90 في المئة من المحال التجارية في عدن.
صباح أمس (السبت)، عاد الرئيس ليتهم المعارضة بجرّ البلاد إلى حربٍ أهلية، فيما أغلق اليمنيون محالهم وأعمالهم في أنحاء اليمن احتجاجاً على حكمه.
صالح البالغ من العمر 69 عاماً، والذي قضى نصف عمره وهو يمسك بمقاليد الحكم في اليمن، متمسكٌ كثيراً بالدستور، ولذلك دعا الشباب اليمني إلى تشكيل حزب سياسي وفق مواد الدستور، التي سمحت له الاستمرار في الحكم 33 عاماً، وكانت ستسمح له بتوريث الحكم لابنه من بعده.
الرئيس صالح اعترف أن اليمنيين يسيرون على خطى شعبي تونس ومصر، مستلهمين ثورتهما الشبابية، ولكنه قال إن هناك اختلافاً كبيراً في اليمن، وخصوصاً أنه سيفي بمطالب الطلاب ولكن في إطار الدستور والقانون. فلا يجوز عمل أي شيء، أو الاستجابة لمطالب الملايين، أو محاربة الفساد والفقر المستوطن... خارج الدستور
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3151 - السبت 23 أبريل 2011م الموافق 20 جمادى الأولى 1432هـ