لا تتبدى ضرورة الأمل في سعة. تتبدى حين يجثم اليأس بكل قبحه وسوداويته على النفس ويمني وهمه الإجهاز على الإرادة. لا نريد للأمل في ذروة اليأس أن يتحول إلى مخدِّر ومسكِّن لآلامنا. نريده أن يكون سماء إضافية نطل عليها من حبسنا الطارئ أو الدهري في اليأس. نريد له أن يكون يقيناً مرتكزاً على العميق من الفعل والأساس من التضحيات وتراكم القيم وتفعيلها.
نريده أن يكون ملاذنا الذي لن نصحو على غدره وطعنه بترتيب حقائبه هروباً ليتركنا في مهب المجهول. نعوِّل على الأمل وندلع لساننا لليأس لأننا خلقنا لنربّي الأمل ونجتهد ما وسعنا أن نقتطع من مصروف أطفالنا ما يمكّننا من نفي اليأس والتكفل بمصروفاته وهو يذوي في جزيرة نائية في الجهة الأخرى من المكان الذي لن نعبره، ولن نضطر إلى أن نفعل ذلك ما دمنا قادرين على أن تختط سبلاً لا تفضي إليه.
نربّي الأمل لا لنستحوذ عليه. نربّيه ليشاركنا فيه من تفصلنا عنهم آلاف الأميال، وآلاف الأحلام، وأكوام من التمني!
نربّيه، ليربّي قدرتنا على التأسيس حين نتهاوى، وعلى الخلق حين نذوي. وعلى الابتكار حين نصاب بعطب التبلد ونتورط في غيبوبات بالجملة.
نربّيه، لنتأكد أننا نحظى بحصانتنا في الحياة، حين نكون بمنأى عن اليأس وعدواه، بمنأى عمن يريد لهذه الحياة أن تكون حظيرة لليأس، فيما نريد لها أن تكون أفقاً مفتوحاً على الأمل!
حتى بالمفهوم القرآني، القنوط من رحمة الله، يعني إرباك الحياة. إدخالها في تركة الباعثين على القنوط والمنتجين له. إدخالها في حوزتهم وتصرفهم وتحكمهم المطلق في ذمتها.
لا صناعة للحياة مع قنوط. ولا تصالح مع الذين يصنعونه ويروجونه ويحاولون جعله مادة غذائية تقتل - أو على أقل تقدير - تشل متناولها ومتعاطيها؛ فيما تنشّط رصيد منتجها ومروجها في الحضور وإن كان زائفاً.
@@@
نخرج على «شريعة اليأس» بقدرتنا على النظر إلى الحياة وفعلها باعتبارهما بطاقة حضورنا الأكيد. حضورنا القادر على نسف النمط في النظر والسلوك والقراءة والتفكير والحب والظن والوثوق والإيمان، وكذلك قدرتنا على أن نصدم العالم بالمواجهة والمجابهة وأحياناً التواؤم مع أدوات عاصفة نحتال عليها وهي تسعى إلى تكريس المستقر من الحال، وإقصاء الرجراج والمتحرك من تلك الحال.
@@@
اليأس: موت مع وقف التنفيذ!
@@@
ضريح اليأس، قلة حيلة صاحبه!
@@@
اليائسون: موتى يأنف منهم النعي!
@@@
لا نريد أكثر من نفخ الروح في الحياة بأملنا ولو كان طارئاً!
@@@
دعوا الأمل يعيد ترتيب هذا الخراب!
@@@
أن تخرج من منفاك يتحدد في قدرتك على الخلق على أكثر من مستوى. مثل ذلك الخلق يتيح لك أكثر من وطن وأكثر من أفق ومن خلالهما الأمل الذي تنشد.
@@@
أن تعيش يائساً؛ أي أن تعيش منفياً. منفياً عن حضورك في ذلك الوجود وبالتالي لا يعنيك ذلك الوجود إلا في حدود يأسك؛ ما يعني ألا وجود لك في ذلك الوجود.
@@@
سلام عليكم شعوب الأمل. ما بعد اللعنة عليكم شعوب اليأس.
@@@
من لا أمل له لا مخرج له من هذا الركام الكوني.
@@@
لكي تدمنوا الأمل أدمنوا في الوقت نفسه إرسال اليأس إلى جحيم يليق بجنة أملكم.
@@@
بالأمل استرد آدم نبوته. باليأس يخرب الشيطان هذا العالم.
@@@
كيف للحياة أن تكون حياة في ظل هيمنة حراس اليأس؟
@@@
أكثر الأسلحة تهديداً لعالم غير متزن وغير عاطفي ولا دمَ فيه أن يطل فيه الأمل برأسه.
@@@
الذين لم ييأسوا بعد شهداء على مواجهتهم لصلافة الحياة.
@@@
لا أفهم كيف تكون حراً ويائساً في الوقت نفسه
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 3151 - السبت 23 أبريل 2011م الموافق 20 جمادى الأولى 1432هـ