لم يستسلم المواطن (فاضل.ح) لليأس بعد أن أوصدت الأبواب في وجهه بلا عمل! فهو يؤمن تمام الإيمان بأن الرزق بيد الله رب العالمين، لكن يتوجب عليه وعلى غيره ممن يعيشون الظروف نفسها ألا يقفوا مكتوفي الأيدي وينتظرون الرزق، بل يلزمهم السعي الحثيث ليروا أبواب الرزق تفتح أمامهم ولا يستطيع أن يغلقها أحد كائن من يكون.
ولهذا، فإن (فاضل) الذي يكدح ليل نهار من أجل توفير لقمة العيش له ولعائلته، يواجه ظروفاً في غاية الصعوبة وهو يبحث عن رزقه وخصوصاً في الأوقات الصعبة التي مرت بها البلاد، فالأسواق المتنقلة التي يلجأ اليها يومياً كانت في الأساس محدودة، فكيف الحال حين تضطرب الأوضاع؟ فهو، وغيره الكثير من المواطنين الذين يعملون في مجال البيع في الأسواق المتنقلة وجدوا أنفسهم أمام ظرف صعب، لكنه، ولا شك في أن هناك غيره، لم يجسلوا في بيوتهم أو ينتظروا العون من أحد، فمضوا يبحثون بلا كلل عن موقع للبيع والشراء تكون فيه الأوضاع أفضل، وإن عز الطلب...
أما (بدر) الذي يعزي نفسه بأنه لم يتزوج حتى الآن، فإنه لم يتوفق في عدد من الوظائف التي عمل فيها، وربما كان عمله الأخير الذي فصل منه تعسفياً الأنسب بالنسبة له، لكن الإفلاس الذي ضرب مكان عمله جعله يغلق أبوابه ويسرح موظفيه! ولهذا، ولأنه كان يؤمن بأهمية وجود اما شهادة أكاديمية أو حرفة لدى أي مواطن، بدأ يعمل في مجال تركيب الأطباق اللاقطة وتصليح أجهزة الاستقبال، وهو يبدأ عمله يومياً منذ الصباح الباكر ولا ينتهي الا في المساء... و(بدر) أيضاً يؤمن أن الله سبحانه وتعالى لا يحرم كائناً من الكائنات من قوت يومه، وليس الإنسان فحسب! ومع الإصرار على كسب لقمة العيش وعدم الركون الى اليأس أو الاستسلام للدعة والنوم في المنزل لساعات طويلة أو الجلوس في المقاهي الشعبية، تمكن من تكوين شريحة كبيرة من الزبائن من المواطنين والمقيمين، وأصبح رقم هاتفه النقال يستقبل الزبائن ويسرع الى توفير خدماته وكسب رزقه.
مورد رزق إلى حين الفرج
وعلى الرغم من وجود نظام التأمين ضد التعطل وكذلك البرنامج الوطني للتوظيف والتأهيل، وتخصيص مكاتب التوظيف في المحافظات الخمس للباحثين عن العمل من الجنسين، إلا أن الكثيرين منهم ممن سجلوا أنفسهم في كل السجلات المتاحة أمامهم، لم يمنعهم ذلك من أن يسعوا الى المراجعة الدورية الى تلك الجهات بوزارة العمل، وفي الوقت ذاته، الدوران المستمر على الجهات التي يعلمون بأنها تعرض وظائف شاغرة، فيما البعض الآخر، وهو يعمل كل ذلك، يصر على مزاولة مهنة حرة تمكنه من الحصول على مورد رزق الى حين الفرج من رب العباد.
«ربع تعاونوا... الشغل شدان!»
وفي شاحنته الصغيرة، كان (ياسر) يوزع إعلانات صغيرة على المنازل، فهو على استعداد لرش المنازل بالمبيدات الحشرية، ورعاية الحدائق بل وغسيل السجاد وتنظيف الأرضيات... ومعه بعض اخوته ومعارفه الذين يتعاونون معاً في حال وجود (شغل شدان) حسب وصفه في حال وجود عمل كثير، فيوزعون العمل فيما بينهم، ولكن العملية ليست عبثاً! فحتى من سيشارك في ذلك العمل يتوجب عليه أن يكون ملماً ويمتلك الخبرة والدراية الكافية في العمل، فهذا هو الأساس بالنسبة لعادل الذي يرى أن عدد الزبائن يمكن أن يكبر ويكبر كلما كانت جودة العمل عالية، والإتقان كفيل بأن يقنع الزبائن بأن يروجوا له، وبذلك، تتسع المساحة وينمو العمل ويأتي الرزق الحلال الطيب المبارك، الذي لا يمنعه أحد أبداً
العدد 3150 - الجمعة 22 أبريل 2011م الموافق 19 جمادى الأولى 1432هـ