كثيراً ما يشتكي أولياء أمور الطلبة من الدروس الخصوصية التي باتت تشكل عبئاً ثقيلاً على الأسر البحرينية، وبالتالي فإن البحث عن بدائل تعليمية كتأسيس «قناة تعليمية بحرينية» من شأنها أن تسد مسدَّ النقص الذي قد يطال العملية التعليمية.
ولكي نضع الأمور في سياقها الصحيح فإن القناة التعليمية عبارة عن « مشروع وطني يهدف إلى نقل المادة العلمية والمعارف والأفكار والخبرات عبر التفاعل اللفظي أو غير اللفظي، بين المعلم والمتعلم من خلال توظيف الشاشة المرئية، بقصد تحقيق أهداف تعليمية معينة».
وبما أن وزارة التربية والتعليم تقوم حالياً بتنفيذ 17 مشروعاً تطويرياً في سبيل الارتقاء بالعملية التعليمية في مملكة البحرين، فهل بإمكاننا الآن الحديث عن 17 + 1 (أي تأسيس قناة تعليمية)؟
إن الحاجة إلى تأسيس قناة تعليمية تختلف من دولة لأخرى، فربما تطلق بعض الدول مثل هذه القناة لمقاومة الجهل والقضاء على الأمية، في الوقت الذي لا أعتقد أن هذا الكلام ينسحب على مملكة البحرين، التي تشكل نسبة الأمية فيها 2,46 في المئة من السكان، مقابل 7,2 في المئة في العام 1999م، وذلك وفقاً لتقرير «التعليم للجميع» الصادر في العام 2010 عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
إذن، ما الغرض من تأسيس قناة تعليمية بحرينية؟
لا يختلف اثنان بأن للمؤسسات التعليمية الدور الأساسي والمحوري في العملية التربوية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال لقناة تعليمية أن تصادر هذا الدور، ولكننا نميل إلى الأبحاث والدراسات التربوية التي تؤكد على أن المدارس التي توظف تكنولوجيا التعليم هي الأكثر جاذبية لتلاميذها، لذا بات لزاماً التفكير في أية وسيلة تعليمية ـ كما يشير خبراء تكنولوجيا التعليم ـ لتكون حليفة وليست خليفة، تحبب التعليم لدى أبنائنا وبناتنا الطلبة الأعزاء.
تلعب القناة التعليمية دوراً بارزاً في تنمية الوعي بالعملية التعليمية، من خلال تجاوز الآثار السلبية الناجمة عن وجود نقص بالكادر التعليمي، والكثافة الطلابية داخل الفصول الدراسية، التي لا تراعي الفروق الفردية، وبالتالي تؤثر على المخرجات التعليمية.
إن المشاركة في دعم الأنشطة والبرامج الشبابية المتنوعة تشكل هدفاً رئيسياً هو الآخر، وعلى أساسه يتم إعداد وتصميم وإنتاج القناة التعليمية.
وكما أن القناة التعليمية تساهم في رعاية الطفل وحمايته، من خلال تصميم البرامج التي تؤكد على دور الأسرة كشريك أساسي في العملية التربوية.
هم الطلبة من مختلف المراحل التعليمية، والأميون من كبار السن، وذوو الاحتياجات الخاصة (الذين يعانون من بطء في التعلم والمتأخرون دراسياً، والعاجزون عن التعلم، وأصحاب الاضطرابات السمعية أو البصرية أو في النطق)، والمعلمون واختصاصيو المناهج والإشراف التربوي، والآباء والأمهات والأطفال في مراحلهم العمرية المختلفة، وصناع القرار، والكتَّاب والأدباء والمثقفون، والمختصون والباحثون والمهتمون.
بإمكان القناة التعليمية أن توفر للتلاميذ فرصة التعلم عن طريق البرامج التعليمية التلفزيونية الهادفة، أكثر مما يتعلمونه بالطرق التقليدية المعتادة، وخصوصاً لطلبة المرحلة الابتدائية، من خلال استخدام أحدث الأساليب التقنية في العرض.
تمتاز القناة التعليمية بقدرتها الفائقة على الانتشار ومواكبة آخر المستجدات العلمية والثقافية، فثمة موضوعات تخص البيئة والتغيرات المناخية تستطيع تغطيتها وبثها فور وقوعها، مثل بعض المؤتمرات العالمية كقمة كوبنهاغن حول التغير المناخي في العالم، والتي عقدت في ديسمبر/ كانون الأول من العام 2009م.
رفع مستوى الأداء لدى العاملين بالحقل التربوي بشكل عام، وإنتاج وبث البرامج التعليمية الموجهة للطلبة من مختلف المراحل الدراسية، وفي شتى ألوان المعرفة، والأخذ بالاعتبار البرامج التعليمية للفئات الخاصة، وبث الفعاليات الطلابية من مسابقات وحلقات حوارية وندوات علمية وتوثيقها، وتشجيع الموهوبين وإبرازهم إعلامياً لكي يكونوا قدوة لغيرهم، ومعالجة المظاهر السلبية التي يعاني منها كثير من المؤسسات التعليمية.
من أبرز إيجابيات القناة التعليمية أنها تقدم للمشاهد خلاصة تجارب الكفاءات العاملة في الحقل التعليمي، حيث الأداء الممتاز، القائم على تضافر جهود المتخصصين في إعداد المادة التعليمية المعروضة، كما وتوفر الوقت والجهد معاً بالنسبة للمعلم لتحسين جودة التعليم، وسد النقص عند غياب المعلم.
ومما يؤخذ على القناة التعليمية أنها تسير بإيقاع واحد، ولا تراعي التمايز أو الفروق الفردية بين الطلبة، في الوقت الذي يكون فيه المتلقي أو المتعلم سلبياً، لأنه فقط يستقبل المعلومات من غير أن يناقشها، كما أن زيادة الإقبال على القناة التعليمية قد تخلق جيلاً من المتعلمين، لا يعيرون الحضور والانضباط أية أهمية.
نحتاج في مرحلة الإعداد لتأسيس قناة تعليمية إيجاد الكوادر البشرية الوطنية من ذوي الكفاءات الفنية القادرة على العمل في هذا المجال، وذلك يتطلب قدراً من التدريب والتأهيل للعناصر التي تجمع بين التخصصين (التربية والإعلام)، واختيار المعلمين المتميزين، الذين يتمتعون بالقدرة على الإقناع والإمتاع في آنٍ واحد، في مختلف المواد الدراسية، والوقوف على تجارب الدول الرائدة في هذا المجال مثل: بريطانيا وهولندا واليابان وما إلى ذلك.
مطلوب من السلطة التشريعية النظر في كل ما من شأنه تطوير التعليم في مملكة البحرين، من خلال طرح «الاقتراحات برغبة» ورفعها للسلطة التنفيذية، كما تابعنا مؤخراً الخبر الذي أوردته وكالة الأنباء الكويتية (كونا) في 3 مارس/ آذار 2011 عن موافقة مجلس الوزراء الكويتي على إنشاء قناة تعليمية خاصة، بقصد إثراء العملية التعليمية وتعزيزها بغية زيادة الإنتاجية والتحصيل العلمي لدى الطلبة. إننا نعتقد بأهمية إطلاق «قناة تعليمية بحرينية» لتكون بمثابة المرآة التي تعكس التطوير الذي يشهده قطاع التعليم، وذلك لن يكون صعب المنال
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 3149 - الخميس 21 أبريل 2011م الموافق 18 جمادى الأولى 1432هـ