بات على الحكومة أن تحسم أمرها قبل جلسة مجلس النواب المقبلة الثلثاء (26 أبريل/ نيسان 2011)، إذ يتوعد النواب برفض مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعامين 2011 و2012، فإما أن تعلن تنازلها وموافقتها على مطالب «مالية النواب» بشأن زيادة الرواتب، وإما أن تطلب سحب الموازنة وتعيد تقديمها مرة أخرى بصفة الاستعجال.
وحتى الآن، فلا يوجد أي تصريح رسمي من قبل وزارة المالية أو الحكومة بشأن موقفها إزاء مطالب اللجنة المالية التي تطلب زيادة رواتب الموظفين 75 ديناراً كحدٍ أدنى، ما قد يؤشر لعدم وجود نية حكومية لتمرير هذه الزيادة في الفترة الحالية.
وعلى غير المعتاد أيضاً، فلم تعد الحكومة تضغط على النواب للإسراع بإقرار الموازنة، كما كانت تفعل ذلك حال تأخر الموازنات السابقة، كما أنها لم تطلب منهم حتى البت فيها، خلال الأسابيع الماضية رغم تأخر إقرارها مدة قياسية غير مسبوقة هذه المرة.
وبحسب الدستور وقانون الموازنة العامة، واللائحة الداخلية، فإن نفاذ مشروع قانون الموازنة بشكله الاعتيادي يحتاج إلى موافقة السلطتين التنفيذية والتشريعية عليه، ما يعني أن الطرفين يحتاجان للتوافق على منطقة وسطى بينهما لتمرير الموازنة التي مضى عليها قرابة أربعة أشهر دون أن تقر للآن.
وإذا ما استخدمت الحكومة المادة 87 من الدستور، وذلك إذا ما وصل التوافق بينها وبين النواب إلى طريق مسدود، كما هو حاصل الآن، سيكون لها الحق أن تطلب انعقاد المجلس الوطني بغرفتيه (النواب والشورى) لمناقشة الموازنة حيث يتولى رئيس مجلس الشورى رئاسة هذه الجلسة ويتم التصويت فيها على مشروع قانون الموازنة العامة.
ومع صعوبة انعقاد المجلس الوطني بغرفتيه الشورى والنواب، فإنه وفقاً لذات المادة الدستورية، فسيكون متاحاً من الناحية القانونية إصدار الموازنة بمرسومٍ ملكي، وهو ما لا يشترط فيه موافقة النواب حينها».
وتؤكد المادة 87 من الدستور أن «كل مشروع قانون ينظم موضوعات اقتصادية أو مالية ، وتطلب الحكومة نظره بصفة عاجلة، يتم عرضه على مجلس النواب أولاً ليبت فيه خلال خمسة عشر يوماً، فإذا مضت هذه المدة عرض على مجلس الشورى مع رأي مجلس النواب إن وجد، ليقرر ما يراه بشأنه خلال خمسة عشر يوماً أخرى».
وتكمل المادة الدستورية «وفي حالة اختلاف المجلسين بشأن مشروع القانون المعروض، يعرض الأمر على المجلس الوطني للتصويت عليه خلال خمسة عشر يوماً، وإذا لم يبتّ المجلس الوطني فيه خلال تلك المدة جاز للملك إصداره بمرسوم له قوة القانون».
وإزاء ذلك، قال أعضاء في اللجنة المالية بمجلس النواب لـ «الوسط» إنه «إذا أقدمت الحكومة على سحب مشروع قانون الموازنة الحالي، وقدمته مرة أخرى بصفة الاستعجال، فإن ذلك سيعطي انطباعاً سلبياً بشأن مدى تعاونها مع النواب، وخاصة في هذه الفترة التي تمر بها البلاد».
إلى ذلك، فمع عرض التقرير النهائي للجنة المالية بمجلس النواب بشأن الموازنة في جلسة النواب الأسبوع المقبل، تكون الموازنة أكملت يومها الـ 18 بعد المئة، منذ إحالتها رسمياً إلى مجلس النواب، في29 ديسمبر/ كانون الأول 2010، دون أن يتم إقرارها.
ومن المتوقع أن يفضي رفض اللجنة المالية للموازنة الأسبوع المقبل - إذا لم تغير الحكومة موقفها - إلى إجماع النواب الـ 22 للتصويت مع توصية اللجنة، وهو ما سيعيد ذات السيناريو الذي حصل لموازنة 2009 و2010 السابقة التي أجمع النواب على رفضها حينها، بعد 4 أشهر من المداولات مع الحكومة.
وكان مجلس النواب السابق، صوّت بالإجماع في جلسته 5 مارس/ آذار 2009، على رفض مشروع الموازنة العامة للدولة للعامين الماليين 2009/ 2010، وذلك بعدما وصلت المفاوضات الحكومية النيابية التي استمرت أربعة أشهر إلى طريق مسدود، بعد مطالبات النواب صرف علاوة الغلاء لمستحقيها، وزيادة الموازنات المرصودة لوزارات الصحة والتربية والتعليم والإسكان ومشروع البيوت الآيلة للسقوط، التي قوبلت برفض حكومي، قبل أن توافق الحكومة لاحقاً عليها.
وتؤكد اللجنة المالية بمجلس النواب أنها قدمت مرئياتها إلى وزارة المالية منذ أكثر شهر، إلا أنها لم تحصل على ردٍ حكومي عليها، وعزت مصادر نيابية تأخر الحكومة في الرد على مرئيات النواب، لانشغالها بتطورات الأحداث التي تمر بها البلاد، ولاسيما في الجانب الاقتصادي.
يشار إلى أن برميل الموازنة العامة للعامين 2011 و2012 تم احتسابه بـ 80 دولاراً لمتوسط سعر البرميل خلال هذين العامين، غير أنه من الواضح أن الرقم الحقيقي سوف يكون أكبر من ذلك، وقد يتراوح بين 88 و90 دولاراً.
وعلى اعتبار أن الإيرادات النفطية تشكل 87 في المئة من الإيرادات، فسوف يكون هناك زيادة جيدة في حجم الإيرادات، ما قد يقلل مقدار العجز، الذي قدر بشكلٍ أولي بـ 813 مليون دينار للعامين.
وسيكون أمام الحكومة والنواب فسحة من الوقت قبل جلسة الثلثاء المقبلة، لتحديد المسار الذي ستأخذه الموازنة، وقد تكون هذه المهلة مهمة بالغة الصعوبة على النواب لإقناع الحكومة خلال أربعة أيام، بما لم تقتنع به خلال شهر مضى
العدد 3149 - الخميس 21 أبريل 2011م الموافق 18 جمادى الأولى 1432هـ