يخرج الإنسان من حروب ليستعد لأخرى، يقيم معاهدات هنا ليفجر حروباً هناك، يلقي بالخبز والقنابل من الطائرات لأولئك الذين جنح خيالهم بعيداً حين ظنوا أن عناية بني جنسهم جاءت ليطالهم شيء من الرحمة بينما هي هنا لتحصد ما تبقى من عجزهم ووهنهم واستسلامهم وتمعن في المزيد من الجور والطغيان!
@@@
لن تثير مشاهد الاستسلام ورفع الرايات البيض وتأدية التحية العسكرية لآلية أميركية انتهت للتو من تفريغ ذخيرتها (الميتة) في اللحم العراقي (الحي)، أي حال من الإعجاب لدى رجل يدّعي أنه ينتمي لبني البشر في غيرتهم على أعراضهم وكراماتهم وأوطانهم. وإذا كنت حرا، ستثير فيك المقاومة مزيداً من الحرص على حريتك. لكأنها المتراس والدرع التي تتلقى عنك الطعنات التي باتت ملح هذه المرحلة.
@@@
تظل المقاومة مضموناً أكبر من العناوين والتقسيمات، طالما أنها تصب في إرباك المحتل وقذف الرعب في قلبه. وسنظل ندعو لها إذا بدأت في النجف وتصاعدت في الفلوجة واشتدت في الرمادي وتواصلت في كركوك، مادام التوجه والهدف والنتيجة واحدة، ولن يزحزح قناعتنا قيد أنملة ممارسات خارجة على الدين والأخلاق والقيم تبدر من جماعات هنا أو هناك، كي تورطنا في الدخول في حال من التعميم البغيض.
@@@
لكأنه بات من الدقة أن يُؤرّخ لقيامة العرب والمسلمين منذ عمد بعض بني جنسهم الى تفجير مركز التجارة العالمي عصيرة يوم الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001. هكذا يستنفذ أكبر اقتصاد في العالم إمكاناته – كمرحلة أولى – لتبرير أكثر من خسف مقبل. لم تنفك أميركا منذ خسف الطائرات في إعادة صوغ عربدتها وتعاطيها مع بشر هذا الجزء من العالم باعتبارهم «أشياء»؛ ما يعني الدخول بإمعان في موهبة التصيير والتشكيل، تصيير أقدارهم، وتشكيل مصائرهم
@@@
الزمن العربي، زمن شائع في «الكلام»... محاصر في «الفعل»... حاضر في «البلاغة»... غائب عن أثر ونتائج تلك البلاغة... ممتد في النصوص... مقلّص في الممارسة... متطاول في الاستشهاد... مغمور في السائد... شاسع في التصور... محاط ومسوّر بالتفسيرات الخاصة!
@@@
تظل الذات «محور العالم»... الذات في بعدها المنطلق للدخول في متطلبات الجماعة والتفاعل مع تلك المتطلبات... بحيث تتحول إلى أداة فاعلة تهدف إلى وضع نفسها في تصرف التحرك والتفاعل الجمعي سعياً وراء الخروج من حال «الخاص» إلى حال «الكوني»... على مستوى التكيّف... الانسجام... التغيير بصفته ضرورة تثبت حركية الحياة!
@@@
الثقافة العربية تتحرك في أفق من الموانع والتابوهات، ومثل ذلك التحرّك لا يعدو كونه تحرك سجين في حبس انفرادي بالكاد يتسع لخطوته الأولى، ليصبح – مع مرور الوقت – مثل ذلك المجال «الحيوي» – بالنسبة إليه – بمثابة الأفق الراهن والوحيد
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 3148 - الأربعاء 20 أبريل 2011م الموافق 17 جمادى الأولى 1432هـ