أثارت احتجاجات عدد من الأحزاب والكيانات السياسية العراقية على نتائج الانتخابات البرلمانية واتهامهم الفائزين بالتزوير وإرهاب المقترعين، شكوكاً بشأن مستقبل العراق ومدى إيمانه بالممارسات الديمقراطية التي تفاخرت بها واشنطن عندما قالت إن العراقيين مارسوا التصويت ثلاث مرات خلال العام ، أولها انتخاب البرلمان الانتقالي الحالي في يناير/ كانون الثاني الماضي، والثاني الاقتراع على الدستور في أكتوبر/ تشرين الأول، وآخرها الانتخابات البرلمانية في ديسمبر/ كانون الأول، وهي جميعها في نظر واشنطن دليل على «ترسيخ مبدأ الديمقراطية في العراق».
لو كان العراق مستقلا، وقرر أهله اختيار الديمقراطية بأنفسهم لا التي رسمتها وتحكمت في معادلاتها سلطة الاحتلال، لكان ما تقوله واشنطن صحيحاً، ويبشر بالخير للعراق وشعبه. لكن ماذا سيكون مصير هذه الديمقراطية إذا ما انسحبت قوات الاحتلال وتركت العراقيين يواجهون مصيرهم من دون تدخل من السفير الأميركي أو البريطاني في المنطقة الخضراء؟ فهل حينها سيستمر العراقيون في الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، أم ستتحول هذه الصناديق إلى شرارة لبدء حرب أهلية يقتتل فيها الشيعة والسنة والأكراد، وخصوصاً إذا لم تتماش هذه الصناديق مع ما تشتهيه أحزاب الطوائف والقوميات العصبية في العراق الجديد؟ وهل سيرضى الخاسرون بحكم الصناديق، ويوافقون على حكم الغالبية الذين ربما لن يكونوا مضطرين في المستقبل إلى التوافق المفروض عليهم حالياً؟
أسئلة بحاجة إلى إجابات واقعية تتضارب مع النتائج التي خلقتها «ديمقراطية الإكراه» التي لن تعيش طويلا مع خروج آخر جندي محتل سيحمل معه ديمقراطيته المفروضة بحكم السلاح
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 1216 - الثلثاء 03 يناير 2006م الموافق 03 ذي الحجة 1426هـ