قدرت مصادر سورية، أن ما قام به النائب السابق للرئيس السوري عبدالحليم خدام، أمر يمكن أن يتكرر في صفوف مسئولين سوريين آخرين وخصوصاً في ظل الظروف الراهنة بما تعنيه من انسدادات سياسية وضغوط خارجية ستتصاعد على سورية في المرحلة المقبلة، واضافت المصادر، ان احتمال انشقاقات جديدة في صفوف المسئولين السوريين والتحاقهم بالنائب السابق للرئيس هو الأبرز في المخاوف السورية للمرحلة المقبلة.
وانشقاق خدام عن النظام في سورية ليس هو الحدث الأول في تاريخ الانشقاقات عن نظام البعث السوري، اذا سبق ان انشق عن النظام نائب الرئيس السابق اللواء رفعت الأسد وقائد قوات سرايا الدفاع الذي لعب دوراً يتجاوز في اهميته دور عبدالحليم خدام من الناحيتين السياسية والأمنية في عهد البعث منذ مطلع السبعينات حتى أواسط الثمانينات قبل انشقاقه، وقد صعد معارضة للنظام في العام الماضي. كما انشق عن النظام الحاكم النائب السابق لرئيس الوزراء للشئون الاقتصادية محمد حيدر الذي كان مقرباً من الرئيس حافظ الأسد طوال السبعينات والثمانينات ولعب دوراً مهمّاً في الحياة السياسية والاقتصادية وفي حزب البعث الحاكم الذي شغل فيه منصب عضو في القيادتين القومية والقطرية قبل أن ينشق ويغادر الى الولايات المتحدة.
وذكرت المصادر، ان الرئيس السابق لاركان الجيش السوري والعضو السابق في القيادة القطرية لحزب البعث العماد حكمت الشهابي بمثابة شخص منشق عن النظام منذ احالته على التقاعد وإخراجه من عضوية القيادة القطرية قبل سنوات، إذ يقيم في الخارج متنقلاً ما بين فرنسا والولايات المتحدة مفضلاً عدم العودة إلى دمشق على رغم توارد التأكيدات بانه سيعود إليها، وقد تحدثت تقارير عن قيام السلطات السورية حديثاً بوضع يدها على ممتلكات العماد الشهابي ونائب الرئيس خدام في وقت واحد قبل أن يعلن خدام انشقاقه في حديثه التلفزيوني لـ «العربية».
وتوقعت المصادر، أن حملة التشهير المتصاعدة ضد خدام في الاعلام وفي مجلس الشعب السوري، لن يكون لها أثر ملموس في منع أشخاص آخرين من الانشقاق، وقالت المصادر، أن من غير المتوقع المضي نحو محاكمة علنية للنائب السابق، لان ذلك سيؤدي إلى فتح ملفات الفساد التي تطول كبار المسئولين في الدولة والحزب في سورية وكثير منهم في مواقع قيادية، وهو السبب نفسه الذي أدى الى منع عقد محاكمات لكل من محمد حيدر ورفعت الأسد في أوقات سابقة.
ويسود اعتقاد في دمشق، بأن الفترة القادمة ستكون عصيبة في سورية، إذ سيكون النظام في الفترة المقبلة متوتراً في سياساته وممارساته سواء في التعامل مع داخله ورموزه أو في تعامله مع معارضيه، إذ من المنتظر تقييدات أكثر لحركة العناصر والكادرات الأقل ثقة في صفوف النظام، وسيصبح النظام أكثر شراسة وتشدداً بفعل ذلك ولاسيما ان الضغوط الدولية والاقليمية ستتزايد وقد بدأت في هذا الاتجاه بعد تصريحات خدام وما تركته من تداعيات ظهرت بوادرها في اعلان لجنة التحقيق الدولية رغبتها في الاستماع الى الرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية فاروق الشرع اضافة إلى رغبتها الاستماع إلى عبدالحليم خدام الذي ابدى استعداده للمثول أمام اللجنة والإدلاء بشهادته.
وتوقعت المصادر، ان تؤثر خطوة خدام في الحراك السياسي الداخلي وخصوصاً لجهة اتساع المطالبات بمحاسبة كبار المسئولين السوريين من الضالعين في الفساد، وقد عكست حملة التنديد بخطوة نائب الرئيس في مجلس الشعب جوانب من ذلك. إذ فتحت الباب لظهور مطالبات من قبل جماعات اهلية ومدنية بوضع ملفات الفساد على الطاولة بعد الحديث الذي ظهر في مجلس الشعب السوري عن دفن نفايات نووية وعن نهب للمال العام وثراء فاحش، وقد صدرت بيانات عن جماعات أهلية وحقوقية في هذا المجال منها بيان المنظمة السورية لحقوق الانسان (سواسية).
وكما هو واضح، فإن سلسلة تداعيات خطوة خدام على الداخل السوري قد يكون من الصعب توقع مساراتها على رغم ظهور بعض ملامحها، لكنها عموماً ستترك آثاراً سياسية واقتصادية أمنية على اجمالي الوضع في سورية
العدد 1216 - الثلثاء 03 يناير 2006م الموافق 03 ذي الحجة 1426هـ