قد لا يختلف اثنان على أن جمعية الوفاق الوطني الإسلامية هي الجمعية التي تحتل الموقع المتقدم على الساحة السياسية البحرينية، وذلك لما تمتلكه من رصيد جماهيري كبير تستطيع من خلاله أن تحرك الساحة وتدفع الكثير من القضايا إلى الواجهة، وبما يمتلكه عدد من كوادرها من تاريخ نضالي، وبما يحوطها من رعاية من قبل الرموز الدينية الفاعلة. لذلك لا غرو في أن يضمن رئيسها الشيخ علي سلمان، في حال خاضت انتخابات الدورة المقبلة (أكتوبر/ تشرين الأول 2006) 14 مقعداً نيابياً كما قال. غير أن السؤال الملح والجوهري هنا: هل ان تلك العوامل آنفة الذكر وتلك المقاعد المضمونة تكفي «الوفاق» للدفع بالعملية السياسية إلى الأمام، وتحقق ما تصبو إليه الجماهير، خصوصاً في ظل وجود مجلس رديف (مجلس الشورى) ونفوذ قوي للسلطة التنفيذية القادرة على أن تحرك ما لديها من أوراق ضاغطة من أجل إعاقة هذا الملف أو ذاك مما تعتبره تهديداً لمصالحها؟ ناهيك عن التوزيع غير العادل للدوائر الانتخابية، والذي نأمل أن تنظر إليه الدولة نظرة صحيحة فتعمل على تعديله. إن المتأمل للشأن السياسي والمتابع لمختلف الملفات الخطيرة التي طرحت للمناقشة تحت قبة البرلمان يدرك وبكل يسر وسهولة أن الإخفاق لا يرجع إلى سبب واحد كما يحلو للبعض أن يصوّره دائماً والذي يتمثل في بعض المواد الدستورية المكبلة، أو في قيود اللائحة الداخلية للمجلس مع اننا لا نقلل من شأن ذلك أبداً وإنما هناك ثمة أمور أخرى تتمثل في ضعف أداء غالبية الأعضاء من جهة، وفي التشرذم الحاصل داخل المجلس من جهة أخرى، ما سهّل على السلطة التنفيذية قدرتها على المناورة وكسب المعركة في أكثر من قضية على رغم عدم استخدامها ما لديها من أوراق كافة. لذلك نقول إنه ليس من المهم أن يكون لدى جمعية «الوفاق» العدد الأكبر في البرلمان بقدر ما هو مهم أن تمتلك تحالفاً قوياً تجمعه أهداف مشتركة وميثاق شرف يضمن للأطراف كافة عدم ملامسة أو تجاوز الخطوط الحمر، ويركز على هموم المواطن التي تعد من الأولويات لديه. إن تكريس مبدأ الأكثرية لهذه الجمعية أو تلك داخل البرلمان، ما عاد يصب في مصلحة أحد، هذا فضلاً عن أن تلك الأكثرية غير المدروسة قد تكون لها تبعات سلبية تؤثر على الصالح العام وتضعف موقف الجمعية. وعلى رغم أن وقت الانتخابات البرلمانية ما لم تؤجل لايزال بعيداً نسبياً (10 أشهر)، إلاّ أن موضوع التحالف في حد ذاته يحتاج إلى الكثير من العناية والدراسة، وبالتالي فإن المبادرة بالتفكير فيه وبجدية أمر مهم ينبغي على أصحاب الشأن دراسته إن أرادوا أن يحققوا لمجتمعهم شيئاً خلال الدورة المقبلة، ذلك لأنه بالتحالف المدروس تستطيع الجمعيات السياسية أن توجد لديها القدرة على المناورة، وأن تبرز كقوة حقيقية داخل المجلس، وعلى الساحة الداخلية والخارجية، كما تستطيع أن توسع من القاعدة الجماهيرية الضاغطة باتجاه تصحيح الأوضاع، وأن تزرع الثقة المتبادلة من خلال ابتعادها عن الاصطفافات الحزبية والدينية، وابتعادها عن النظرة الضيقة التي لا تخدم أحداً. وليكن لنا من مختلف التحالفات السياسية التي تجري على الساحة العربية وغير العربية درس، وعظة، لنحقق بعضاً من الحلم، وبعضاً من الأهداف التي انتظرتها الجماهير المجروحة. فهل من بصيص أمل تداوى به تلك الجروح؟ * ناشط سياس
العدد 1215 - الإثنين 02 يناير 2006م الموافق 02 ذي الحجة 1426هـ