يعتبر هذا الشهر من الفترات الحاسمة في جمعية الوفاق، كما كان الحال في فترة سابقة عندما كانت تتخذ قرارها بشأن التسجيل (من عدمه) بحسب قانون الجمعيات السياسية. ففي 19 الشهر الجاري ستجرى انتخابات الوفاق الجديدة لاختيار ثلاثين شخصا سيشكلون «مجلس شورى الوفاق». وبعد ذلك بأسبوع (26 الشهر الجاري) سيتم انتخاب الأمين العام، ومن المؤكد أنه سيكون الشيخ علي سلمان. عضوية «شورى الوفاق» يتنافس عليها حاليا ثلاث قوائم بالإضافة إلى عدد من المستقلين، والملاحظ أن معظم هؤلاء يؤيدون دخول الوفاق في الانتخابات النيابية المقبلة. وفي آخر اجتماع عقدته الهيئة الاستشارية (بحسب التنظيم الحالي للوفاق) صوت 18 شخصا لصالح «توصية» مجلس الإدارة بالتوجه نحو «المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة»، مقابل شخصين فضلا الانتظار حتى يتم انتخاب مجلس الشورى الجديد وتتشكل الأمانة العامة الجديدة. ويوم أمس الأول كان في ضيافة «الوفاق» السياسي الكويتي المخضرم عبدالمحسن جمال الذي نصح من اجتمع معهم بالتوجه نحو «المشاركة النيابية»، وكانت الاستجابة لما طرحه واضحة لدى من قابلوه. إذا كانت كل هذه المؤشرات صحيحة فإن «الوفاق» تعدُّ عدتها للمشاركة بقوة في الانتخابات البلدية والنيابية، وهذا يفسر كيف أن هناك الكثير ممن يحاولون الالتصاق بها لعلمهم أن الترشيح على قوائمها يعني الفوز المؤكد في مناطق رئيسية في البلاد. كما أن هذا يوضح سبب خشية البعض ومحاولتهم الدفع باتجاه تمديد فترة البرلمان الحالية. على أي حال، فإنني كنت ومازلت من المؤمنين بضرورة المشاركة، وإن الوفاق ستربح، كما ستربح البحرين عندما تشارك الأطراف الرئيسية في العملية السياسية. فمع «الوفاق» من المحتمل أيضاً أن تشارك جمعية «وعد»، «العمل الاسلامي»، و«التجمع القومي». وهذا سيدعم التوجه نحو مزيد من الإصلاح، لأن مشاركة الفاعلين على الساحة، والمؤثرين في الاتجاهات المعارضة (على مستوى الشارع أو النخبة) ستعطي معنى أعمق للتجربة البحرينية التي يجب أن تحتوي على الرأي الرسمي والرأي المعارض... فطبيعة الحياة السياسية تحتاج إلى المعارضين (المخلصين لبلدهم)، وهؤلاء تحتاج البلد الى ان يبدوا وجهات نظرهم وان يدافعوا عن مصالح المجتمع بشكل أكثر حزماً. الوفاق ستحتاج إلى برنامج سياسي واضح، ويمكنها ان تستفيد من شعبيتها الحالية لتدريب عدد من الكوادر المخلصة (غير المتسلقة) الذين سيحتاجون إلى خطاب جديد، وأجندة متماسكة، وأولويات محددة، وقاعدة معلومات دقيقة، واستشارات ذكية، ومهارات متطورة، وتحالفات استراتيجية وأخرى تكتيكية، وهيكلية منضبطة تأتمر بجهاز تنفيذي تشرف عليه الأمانة العامة ويراقبه مجلس شورى الوفاق. الوفاق بحاجة إلى سياسيين محترفين لطرح وجهات نظرها والتحاور مع الجهات الرسمية والأطراف الأخرى الفاعلة على الساحة العامة، وستحتاج إلى نشاط تنظيمي يميزها عن النشاطات الجماهيرية العفوية التي تمثل حاليا جمهوراً عريضاً يبحث عمن يمثله بأسلوب يرقى إلى التحديات في هذه الفترة. التحدي أمام «الوفاق» سيزداد مع المشاركة، لأن المقاطعة سهلة ولا تحتاج إلى مناورات أو مداولات أو بروتوكولات... كل ما تحتاج إليه المقاطعة هو إعلان الشعار بصوت مدوّ وتكرار ذلك الشعار في المحافل المختلفة. أما المشاركة فتتطلب من «الوفاق» مواقف تفصيلية ودراسات منهجية وقرارات معقدة في كل جانب. التحدي أمام الوفاق يتطلب حزماً من نوع آخر، وكوادر الوفاق قادرة على ذلك. كما ان الوفاق بحاجة إلى إن تختبر من يرشح نفسه باسمها في أية انتخابات وان تشترط على كل شخص يستخدم اسمها للنجاح ان يدفع جزءاً من المرتب الذي سيحصل عليه (على الأقل 20 في المئة) مباشرة إلى موازنة الجمعية التي ستحتاج إلى تمويل منظم وشفاف ومكتف داتياًّ
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1215 - الإثنين 02 يناير 2006م الموافق 02 ذي الحجة 1426هـ