العدد 3146 - الإثنين 18 أبريل 2011م الموافق 15 جمادى الأولى 1432هـ

«إسرائيل» والثورات العربية

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

ترافقت الثورات وحركات الاحتجاج العربية الأخيرة مع دعوات البعض منهم صراحة أو تلميحاً في التظاهرات أو عبر موقع الفيسبوك إلى تحرير فلسطين، بل وذهب بعضهم إلى تحديد آجال قريبة لذلك داعياً جيل الشباب العربي الثائر في أقطاره إلى تحويل وجهتهم شطر القدس فضلا عن رفعهم علم الدولة الفلسطينية في أكثر من تجمّع... فماذا يعني هذا المعطى الجيو- سياسي الجديد والمتمثل في الثورات العربية المتلاحقة بداية هذا العام بالنسبة إلى سياسة الكيان الصهيوني؟

إن المطلع على الصحف الإسرائيلية يلحظ بوضوح النفي القطعي لكل شرعية ممكنة للثورات العربية الجديدة، بل وذهب آخرون منهم إلى اعتبار هذا العامل كلا شيء بالنسبة إلى الحكومة الإسرائيلية. ذلك أنّ «إسرائيل» تعترف بالدول والحكومات والجيوش سواء للحرب أو للمفاوضات لكن حين يتعلق الأمر بالشعوب العربية وتطلعاتها المستقبلية فإنها تسم ذلك الفعل الثوري بالإرهاب والخطر المحدّق بإسرائيل.

لكن الواقع الذي لا ينكره أحد أن الغالبية الكبرى للشعوب العربية هي معادية للصهيونية ورافضة لسياسة الحكومة الصهيونية الجاثم فوق الأرض العربية الفلسطينية .وما هذه الهبة الشعبية المفاجئة سوى عامل مزعزع لتحاليل الخبراء السياسيين الإسرائيليين وتقاريرهم.

إن ردة فعل «إسرائيل» لا ترتكز فقط على الخشية من فقدان حليف استراتيجيّ شريك في مؤامرة السلام غير العادلة والمتمثل في النظام المصري السابق وإنما أيضاً من خوفها من هذه الورقة الشعبية العربية التي وجب أخذها بعين الاعتبار.

ولقد عبّر الكيان الصهيوني عن فهمه العنصري للمفاهيم الكونية من خلال تصريحات شيمون بيريز لأنجيلا ميركل حين اعتبر أن الديمقراطية هي شأن من يعرفون الحضارة والمدنية الغربية.

هذا التصريح لا يمثل رأياً شخصياً لبيريز بقدر ما يرسم صورة جلية للنظرة الاستعمارية الصهيونية ذلك أن نظرتها للعالم ثنائية: فمن جهة هناك المتمدنون وهم المنتمون على الحضارة اليهودية والمسيحية والبقية هم غير المتحضرين وهؤلاء وجب معرفة كيفية حكمهم وتسييرهم.

هكذا وبعد اعتراف العالم كله بأن هذه الفترة تمثل ربيعا للعالم العربي تراها «إسرائيل»بمنظارها الذاتي خريفاً مدلهمّة سماؤه.

لكن هل أنّ هذه النظرة تمثل فقط الحكومة أم تنسحب أيضاً على الموقف الشعبي الإسرائيلي؟

هذه النظرة وكما قلنا في البداية تكاد تشترك فيها كل وسائل الإعلام الإسرائيلية ومن هذا المنطلق فهي تمثل حقاً وجهة نظر يتقاسمها الرأي العام داخل الكيان الصهيوني دون أن نعدم وجود وجهات نظر أخرى من قبل العقلاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في «إسرائيل».

لكن، لطالما اعتبرت «إسرائيل»أن فترة حكم الرئيس الأميركي أوباما «قوساً» ينتظر غلقه مع الموعد الانتخابي المقبل في الولايات المتحدة الأميركية لتعود السياسة الأميركية إلى»وضعها الاعتيادي» والممثل النموذجي لهذه الاعتيادية هو الرئيس الأميركي السابق جورش بوش الابن ومن لفّ لفّه من الجمهوريين أصحاب نظريّة الحرب الشاملة والحرب الاستباقية على الإرهاب واستراتيجية إعادة احتلال العالم بتقسيمه وفق نظرة أميركية... وما رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيمين نيتانياهو سوى واحد من الآباء المؤسسين لهذه الأفكار منذ 30عاماً.

لكن هل نتوقع أخيراً تغيراً ممكناً يطرأ على الموقف الشعبي الإسرائيلي بفعل هذه الحركات الاجتماعية الديمقراطية في دول الجوار؟

ذلك يبقى بقدر كبير رهين السياسة الأميركية في فترة حكم أوباما التي علّق عليها البعض آمالا كبيرة فإن هي تغيّرت بعد قراءة معمّقة للحقائق الواقعية في الشرط الأوسط فإنها ستجبر «إسرائيل»بشكل أو بآخر على تغيير سياستها وتغيير في الرأي العام الإسرائيلي عموما لأن ذلك تاريخيا شأن التحولات في السياسة والموقف الإسرائيلي حيث تجده في الأغلب رهين التحولات في السياسة الأميركية

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3146 - الإثنين 18 أبريل 2011م الموافق 15 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً