إن دفع عجلة التصنيع على أساس تكاملي ومتوازن وبما يتناسب مع امكانات وظروف البلد هو هدف أساسي للتنمية الصناعية، وهو ما يقتضي القيام بوضع خريطة صناعية تبين الصناعات المطلوبة خلال العقدين أو الثلاثة المقبلة، وتوزيع الصناعات الاساسية بحسب المزايا النسبية التي تتمتع بها كل منها، انطلاقا من منطق العدالة في توزيع المنافع، كما يقتضي ايجاد المؤسسات القادرة على دراسة الفرص الصناعية، والترويج لها، وتأمين متطلبات انشائها من رأس المال والعمالة الفنية والتكنولوجيا والأسواق.
وعلى رغم أهمية هذا الهدف، فإن البحرين وبقية دول المجلس لم تتفق حتى الآن على خريطة صناعية واضحة المعالم، ما أدى الى عدم وجود التنسيق التكاملي المطلوب، كما ادى الى بروز ظاهرة الازدواجية في تنفيذ المشروعات، وخصوصاً تلك الموجهة نحو السوق الداخلية والاقليمية، وما نتج عنها من منافسة ضارة وطاقات انتاجية فائضة ومعطلة، اضافة الى ضآلة عائد الاستثمار.
ولاشك ان ظاهرة قيام شركات استثمار مشترك بين دول الخليج من شأنه ان يشكل خطوة على طريق زيادة تكامل المنطقة صناعيا.
كما يلاحظ أن جهود دول المجلس في مجال رفع نسبة اسهام قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الاجمالي لاتزال محدودة، إذ تشير الأرقام إلى أنها ارتفعت من 7,5 في المئة الى 12 في المئة في المتوسط خلال العقد الماضي. ويعزى ضآلة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الاجمالي الى الكثير من الاسباب يأتي على رأسها حداثة التجربة الصناعية في دول الخليج، وعدم توافر البيئة الطبيعية والموارد الملائمة لدفع عجلة التصنيع بشكل سريع.
ولا شك في ان انخفاض نسبة مساهمة الصناعة التحويلية في الناتج المحلي الاجمالي يعني بان دول الخليج تحتاج إلى فترة طويلة قبل ان تتمكن من رفع نصيب الصناعة في الناتج المحلي الاجمالي الى نسبة مماثلة او قريبة من تلك التي تسجلها الدول الحديثة التصنيع.
أما بالنسبة إلى زيادة اسهام العمالة الوطنية في قطاع الصناعة، فأيضا نلاحظ هنا انه وعلى رغم ادراك جميع دول الخليج لاهمية وجود عمالة وطنية في الصناعة، وعلى رغم الجهود التي بذلت في الماضي، وعلى رغم ان دول المجلس قد حققت زيادة في نسبة العمالة الوطنية الى إجمالي العمالة الصناعية، فإنها وجدت صعوبة بالغة في زيادة النسبة بشكل مرضٍ.
وبموجب البيانات الخاصة بالعمالة فان القسم الأكبر منها مازالت تسيطر عليه العمالة الوافدة. إذ تتراوح نسبة العمالة الوطنية في الصناعة بين 5 في المئة كحد أدنى و30 كحد أقصى بدول المجلس. وعليه فان هذا الهدف يجب أن يلقى عناية فائقة من دول المجلس.
ومما لا جدال فيه يبقى هدف توطين التكنولوجية الصناعية من الأهداف الكبيرة ذات الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتقنية إذ يعتبر هذا الهدف هو الأساس لاي عملية صناعية راسخة ومفيدة وطويلة المدى.
ولا يمكن تحقيقها الا على اساس خليجي أو عربي شامل. وعلى رغم التقدم الذي تحقق في هذا المجال، إذ انشئ الكثير من مراكز البحوث في دول الخليج.
وخصوصاً في المملكة العربية السعودية والكويت، الا ان التنسيق فيما بينها يعتبر ضعيفا. بالاضافة الى ان الانفاق على البحث والتطوير سواء من قبل الحكومات او من قبل الشركات مازال ضعيفا جدا اذ تقل نسبته عن 0,5 في المئة في الوقت الذي تصل فيه نسبة الانفاق على البحث والتطوير في عدد من الدول الصناعية 2,5 في المئة، أي خمسة اضعاف نسبة ما يتفق في دول الخليج. ومن هنا وجب التأكيد على ضرورة ايلاء هذا الموضوع الاهمية القصوى في المستقبل
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1271 - الإثنين 27 فبراير 2006م الموافق 28 محرم 1427هـ