من الأماني الكبيرة، والطموحات الخالصة، أن تتشكل لدينا في البلاد - وعلى المستويين الشعبي والحكومي - هيئة وطنية تمتلك القوة للتصدي لكل أشكال الطائفية وممارساتها في البلاد.
كانت تلك الفكرة، وغيرها الكثير من الأفكار التي راودت محدثكم على مدى سنوات، لكن مجرد طرح الفكرة على بعض الناس كان يقود إلى حال من الترهيب اللامحدود: «أنت بذلك تريد أن تقول إن البلد غارق في الطائفية أليس كذلك؟ قف عند حدك؟» أو من قائل: «الكل في بلادنا يحارب الطائفية... الكل جند مجندة ضد الطائفية، فلم هذه الهيئة وما أدراك ما الهيئات؟ ثم مجرد الفكرة تعني أنك... طائفي».
على أي حال، لا يمكننا أن ننكر حقائق نعايشها بشكل يومي... الطائفية التي لا تريد الحكومة أن تضربها (بيد من حديد)، ولا يريد المواطنون مواجهتها بمواقف حقيقية نابعة من المسئولية الوطنية، ولا يريد أحد كائناً من يكون، أن يعترف بها لكي يتخذ منها موقفاً يرضاه ضميره... بل على العكس من ذلك، هناك من يتبنى النفس الطائفي البغيض وبصورة تخلو من الإحساس بالمسئولية.
ليس مهماً أن يكون كاتباً أو كاتبة صحافية معروفة ومرموقة لكي يتفق الناس على أنه/ أنها عباقرة زمانهم، وأنهم يقولون القول الفصل حين يتحدثون عن قضية لها صبغة طائفية بحتة! وليس صحيحاً أن يخرج علينا نائب أطلق المجال للحيته، ولأنه تعلم بعض أصول تجويد قراءة القرآن الكريم، وصلى بالناس جماعة أو جمعة وخطب فيهم خطبتين، فإنه بذلك ولي الله الصالح الذي تنزه عن الأخطاء وعصم نفسه عن الوقوع في الزلل! وأنه حقيقة، ذلك الإنسان الذي يمتلك صكوكاً خاصة ليدخل هذا الجنة ويرمي بالآخر على وجهه في النار وبئس المصير!
مشكلتنا في بلادنا أن الكل (يتفلسف)... نعم، بمن فيهم محدثكم نفسه؟! ولماذا ننكر ذلك؟
لقد مرت البلاد، عبر العقود الثلاثة الماضية بتحولات مهمة، ولاسيما على صعيد العلاقة بين السلطة والشعب... بين القيادة والمواطنين، ومع ذلك، لاتزال المعضلة الطائفية قائمة... والغريب في الأمر أنها تتحرك تبعاً للمصدر، فإن كان المحرك شيعياً فالطائفة كلها متهمة، وان كان المحرك سنياً فإن الحكومة والطائفة السنية متهمة... وتقتلك الحيرة حين تجد رموزاً ووجهاء وشخصيات دينية ومسئولين... يتورطون في الطائفية
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 1271 - الإثنين 27 فبراير 2006م الموافق 28 محرم 1427هـ