اختُلِفَ في أن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، واتُفِقَ على أن «السياسي متهم حتى تثبت براءته». الشارعُ البحريني يصلُ حدَ اليأس. وانعدام الثقة، نتائجُ المسح الميداني - على الأقل - قالت ذلك. ولم أَتَقَوله.
الأدهى من السلبية، هو أن هذه الصورة الذهنية عن الساسة تصبغها علامات استفهام مركزية، ولا ينبغي لنا أن نركز في صياغتها، البتة، دافع التراجع هو الخوف من أن «نقتل أنفسنا». وفي بوتقة «قانون» مهلهل، سهل الاختراق، وخصوصاً أن اللاعبين في هذه الزاوية «سياسيون»، مهمتهم صوغ القوانين، ومن ثم التلاعب بها، فإن المال السياسي أشبه بـ «عالم الأشباح»، أو قل هو «دعارة سياسية»، وهل تنتهي «الدعارة»!
ملف «المال السياسي»، بوابة وجع، تمازجها حال من إنعدام الثقة المرهونة بالتأجيل، ونحن أفضل من يؤجل الحلول، بداعي «التدرج» تارة، وبداعي «التخلف المعهود» تارة أخرى. إن «سلبية التفاعل»، في فضاء «سلبية التلقي»، طريق قصيرة نحو فقدان التوازن، وصولاً إلى العدم أو الانتحار السياسي البطيء.
في فترة الإعداد لهذا الملف، كان ذلك الزخم من البيانات، والاتهامات، والتأويلات، والتحليلات كارثياً، هذا من جهة، من جهة أخرى - أكثر دقة - تعرفنا على أن «البحرين» تجلس على «عرش أسطوري» من المال. هذا المال «المسيس» لو كانت له موارد صرف «شفافة»، لكان مؤشر الثقة بـ «السياسة» لدينا، أعلى مما وجدنا.
بين تسييس «المال الخاص»، وتسييس «المال العام» طريق خطرة، أما تسييس «المال الاجتماعي» فهو الأشبه بمعاهدة «فك الارتباط» بين السياسة والأخلاق بهوسها الشرقي المقيت!
العطايا / الهبات/ الرشا/المساعدات السياسية المشبوهة «هتك» للحقيقة، ولمستقبل الإنسان البحريني. النتيجة، الإنسان يبقى مولعاً بالحلم، وإلى أن نصل إلى مرحلة «شراء الأحلام»، فعلى الإنسان البحريني أن يحلم بإسهاب!
على أن جهاز «الصحافة» ليس في حل من المال السياسي، هي فقط ضرورات مهنية تجعلنا في موقف سلبي لا نحسد عليه. لسنا في المجتمع الإعلامي طيوراً بريئة تشتري الحرية للناس، نحن في الحقيقة شركاء في المال السياسي، الصحافة مرآة لحال المجتمع، والمجتمع المريض بالمال السياسي لابد أن تكون صحافته موبؤة. إلا أن مهمة الكشف والاستقصاء فينا لابد أن تكون من «كائن» خيالي، فلسنا ننتظر من أجهزة مريضة بالمال أن تقيمنا، لعلنا ننتظر هذا التقييم من الإنسان البحريني نفسه، ولو كانت تلك الرقابة «حلماً»!
«المال السياسي» زاوية من زوايا الوجع، والإنسان البحريني، كله وجع!
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1271 - الإثنين 27 فبراير 2006م الموافق 28 محرم 1427هـ