العدد 2455 - الثلثاء 26 مايو 2009م الموافق 01 جمادى الآخرة 1430هـ

ديرشبيغل وفتاوى ليبرمان!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هذا آخر ما أفرزته الحكومة الإسرائيلية في نسختها اليمينية الأشد تطرفا... أن يصبح أفغيدور ليبرمان مطالبا بدماء الشهداء العرب!

هذه الحكومة التي نتوسّل إليها لتقبل مبادرة السلام العربية المعلّقة منذ ست سنوات، بينما هي تطالبنا بالاعتراف بـ «إسرائيل» دولة يهودية خالصة، ودون مقابل، وبالمجان! الحكومة التي يطالبها الفلسطينيون بالسلام فتطالبهم بنسيان قضيتهم إلى الأبد، وأداء قسم «الولاء» للدولة اليهودية! هل من جديد؟

الجديد يأتي على يد أفيغدور ليبرمان... الذي ولد في بلدٍ لم يسمع به أغلب القراء العرب، اسمها مولودوفا، وهاجر إلى «إسرائيل» وهو شابٌ مراهقٌ في السبعينيات، ليصبح نجما سياسيا بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، وليبدأ بتفجير عددٍ من المفرقعات.

في بداية عهده بالسياسة في التسعينيات، عمل مديرا لمكتب نتانياهو في وزارته الأولى، ولم يمض عامٌ واحدٌ حتى دُفع للاستقالة لضربه أحد الأطفال. وحين أنشأ حزبه الخاص (إسرائيل بيتنا)، بدأ التحريض على الفلسطينيين، فأفكاره الفاشية تدعو لتحطيمهم نهائيا حتى يركعوا، أو يخرجوا من أرض أجدادهم واستبدالهم بمهاجرين من روسيا وأوكرانيا ومولدوفيا وبولندا والهند وأثيوبيا!

هذا الشخص المتخصّص لأداء المهمات القذرة، يعتبرونه حتى في «إسرائيل» رجل الفتن والأزمات. فمن داخل الكنيست طالب بقصف السد العالي بقنبلةٍ نوويةٍ لإغراق الشعب العربي المصري، بدعوى أن اتفاقية السلام مع مصر ليست حقيقية! وفي فرقعةٍ أخرى دعا رئيس أكبر دولةٍ عربيةٍ لزيارة «إسرائيل»، وختم دعوته الكريمة بقوله: «إذا لم يقبل بهذه الزيارة فعليه اللعنة وليذهب إلى الجحيم»! ولذلك رفضت تلك الدولة - حتى الآن- استقباله كوزير خارجية، ولا ندري لولا شتمه للرئيس هل كان سيُستقبل أم لا؟

حتى ياسر عرفات المحاصَر في رام الله، كان يرى مجرد بقائه حيا أكبر مؤشرٍ على ضعف «إسرائيل»، ولذلك اقترح إسقاط قنبلةٍ زنتها طنان لتهديم المنطقة التي يعيش فيها عرفات على رؤوس الجميع!

وحشٌ من وحوش التاريخ، كان يطالب بتهديم أحياء كاملة في غزة على رؤوس سكانها، (وهو ما نفّذه أولمرت وشارون من قبل)، وطرد 90 في المئة من فلسطينيي 48 إلى منافٍ جديدة، في أحد أبشع تجليات العنصرية المعاصرة، حتى وصفه أحد الكتاب الصهاينة بأنه «دودةٌ ضخمة»، ووصفه آخر بأنه «ثرثار»!

هذا العنصري الثرثار، أصيب بهزةٍ كبرى في حرب تموز الأخيرة التي اصطلت فيها «إسرائيل» بصورايخ حزب الله، فكان يحلم بترحيل العرب للشمال، وسحب الإسرائيليين إلى الجنوب من أجل تأمين فرار «استراتيجي» طويل الأمد من تلك الصواريخ! فالخوف والرعب والهزيمة العسكرية تدفع للتفكير في سبلٍ للنجاة كما تفعل الديدان!

هذا العنصري المحبّ للفتن والأزمات، كان أولّ من تلقف الخيط من صحيفة «ديرشبيغل» الألمانية، التي أعادت فبركة قصة اتهام حزب الله باغتيال رفيق الحريري، وتروّجها فضائيةٌ عربيةٌ نفطيةٌ، لتنشب الفتنة بين السنّة والشيعة في لبنان ويعمّ لهبها المنطقة، في مرحلةٍ انقلابيةٍ أصبح التجسّس على المقاومة بطولة، والعمالة للعدو مجرد «وجهة نظر»، بعدما تم استبدال عدوّ الأمة التاريخي بشقيقٍ عربي وجارٍ إسلامي!

في مزرعة الحيوانات هذه... أفتى سماحة أفغيدور ليبرمان بضرورة إصدار مذكرة اعتقال لقائد المقاومة التي هزمت «إسرائيل» السيد حسن نصر الله طلبا لدم الحريري، وعلى الحكومة اللبنانية أن تنفّذ ذلك الأمر فورا... وإلاّ فعليها اللعنة ولتذهب هي الأخرى إلى الجحيم!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2455 - الثلثاء 26 مايو 2009م الموافق 01 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً